للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طائفة اليهود]

المجموعة الثالثة: مجموعة اليهود، واليهود معروف عنهم أنهم أهل غدر وخيانة، وهم في ذلك الوقت أهل قوة وسلاح وعتاد، فكيف سيتعامل معهم الرسول صلى الله عليه وسلم، خاصة أنهم لم يكونوا حول المدينة المنورة، بل كانوا داخل المدينة المنورة، وهم ثلاث قبائل قوية قبيلة بني قينقاع، وقبيلة بني النضير، وقبيلة بني قريظة؟ وليس هذا فحسب، فهناك في شمال المدينة المنورة قبائل تعيش في منطقة خيبر ووادي القرى، وكلها قبائل اليهود.

فكيف سيتعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع هؤلاء اليهود؟ أتراه يعاهدهم أم يحاربهم؟ هناك طرق مختلفة جداً للتعامل كانت في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكل طريقة منها ظرف، فإن لم أكن أعرف الظروف التي من أجلها اختار صلى الله عليه وسلم منهجاً معيناً في التعامل مع هذه الطوائف المختلفة المتباينة فإني لن أفهم السيرة جيداً؛ لذلك يجب الوقوف عند كل حدث من هذه الأحداث وتحليله بدقة، لكي نعرف ما هي الأبعاد التي من وراء هذا الحدث؛ ومن أجلها أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم قراراً دون قرار.

فهذه المجموعات الثلاث مهمة جداً، تعامل معها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي: مجموعة المسلمين، ومجموعة المشركين، ومجموعة اليهود.

وسوف تظهر لنا بعد سنتين مجموعة المنافقين، لكن سنؤجل الكلام عليها عندما نصل إليها.

يا ترى! ما الذي فعله الرسول عليه الصلاة والسلام مع كل مجموعة من هذه المجموعات؟ ويا ترى! كيف كان تعامله مع هذه الطوائف المتباينة؟ ويا ترى! ما هو حكم الشارع الإسلامي في التعامل مع هذه النوعيات المختلفة من البشر؟ بما أن الكلام هذا يحتاج إلى تفصيل كثير، والوقت هنا لا يتسع، نؤجل -إن شاء الله- الحديث عن هذه الأسئلة المهمة إلى اللقاء القادم.

قبل أن ننتهي نلخص الدروس المهمة جداً التي خرجنا بها من هذه المحاضرة، وهي كيف يمكن أن تُبنى أمة الإسلام؟ أولاً: الأصول الثلاثة: لا إله إلا الله.

أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أن هناك بعثاً يوم القيامة، يحاسب فيه رب العالمين سبحانه وتعالى المحسن على إحسانه بالجنة، والمسيء على إساءته بالنار.

ثانياً: تسابق المسلم إلى البذل وإلى العطاء، كما تسابق الأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم إلى استقبال الرسول صلى الله عليه وسلم، مع خطورة استقباله في داخل المدينة المنورة.

ثالثاً: المسجد ودوره في بناء الأمة الإسلامية واتساع الأفق عند المسلم؛ لكي يعرف أن دور المسجد ليست في الصلاة فقط، وإنما له دور في كل نقطة من نقاط حياة المسلم.

رابعاً: المشاركة بين القائد والشعب، مشاركة الرسول عليه الصلاة والسلام للمسلمين في كل صغيرة وكبيرة في حياتهم.

خامساً: رباط العقدية الذي وضحه صلى الله عليه وسلم عندما قال: (أي بيوت أهلنا أقرب؟)، فالرابط الذي يربط المسلمين هو رباط العقيدة، وليس رباط القبيلة ولا اللون ولا الجنس ولا اللغة ولا غير ذلك من الأمور.

سادساً وأخيراً: فقه الواقع، لكي يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم كيفية التعامل في داخل المدينة المنورة صنف الناس كلهم إلى الطوائف التي تنتمي إليها، ومن ثم كان تعامله صلى الله عليه وسلم مع كل طائفة مختلفاً.

وهذا الذي سوف نعرفه إن شاء الله في الدرس القادم.

أسأل الله عز وجل أن يفقهنا في سننه، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.