للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كراهية الناس عامة للقتال]

حملت هذه الآيات تشريعاً جديداً يحتاج إلى نفوس إسلامية خاصة للعمل بهذه الآيات، ويحمل في نفس الوقت رسالات في منتهى الوضوح إلى المشركين في مكة، وإلى المشركين في خارج مكة، وإلى اليهود كذلك.

تعالوا نعيش مع أهل هذه المرحلة، ونراقب رد فعلهم لهذه الآيات: أولاً: الناس بصفة عامة تكره الحروب والقتال، ولا يختلف اثنان في أن الحروب تأتي بالدمار والخراب وإزهاق الأرواح، ونحو ذلك من أشياء تورث الحزن والكراهية؛ من أجل هذا ربنا يقول: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة:٢١٦].

لكن ليس معنى هذا: أن القتال إذا تعين على المسلمين لهم أن يتركوه لأنه مكروه، بل بعض المسلمين يصلون إلى درجة من الرقي في الإيمان في حبهم للموت مع أنه مكروه، يتمنون هذا المكروه من أجل إرضاء الله سبحانه وتعالى.

ولقد مر بنا قول الرسول عليه السلام: (لوددت أن أغزو في سبيل الله) وفي رواية: (لوددت أن أقتل في سبيل الله).

وسيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه يقول: جئتكم برجال يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة.

الموت مع أنه مكروه بصفة عامة، إلا أنه أصبح محبوباً إلى خالد رضي الله عنه وإلى جيشه، وما ذلك إلا لأنه في سبيل الله، فليس معنى القتال مكروه: أننا نقعد عنه، بل على العكس، كلما ارتقى المسلم في سلم الإيمان أحب هذا المكروه ما دام في سبيل الله.