للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة غزوة أحد وأسباب مصيبة المسلمين فيها]

لابد أن نقف وقفة ونقول: يا ترى ماذا نسمي أحداً؟ هل نسميها هزيمة أو نسميها نكسة؟ أو ماذا نسميها؟ عندما تراجع أحداث غزوة أحد سواء أثناء الغزوة أو بعد الغزوة، فإنك تجد أن كلمة هزيمة لا تنطبق على وصف غزوة أحد، فالجيش المكي لم يحتل موقع الجيش المسلم، والجزء الأساسي من الجيش المسلم لم يفر مع شدة الارتباك، نعم، هناك من فر، لكن مجموعة كبيرة من المسلمين بقيت في أرض المعركة، منهم من قاتل حول الرسول عليه الصلاة والسلام، ومنهم من قاتل حتى استشهد.

والجيش المكي لم يفكر في مطاردة المسلمين، ومع أن أبا سفيان خاطب عمر بن الخطاب وأدرك أن الرسول صلى الله عليه وسلم حي وأنه في الجبل لم يفكر أن يصعد إلى الجبل مرة أخرى، ومع أن كل الذين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مجموعة قليلة من المسلمين، كذلك لم يقع أسير واحد من المسلمين في أيدي الكفار مع هذا الأمر الشديد الذي تحدثنا عنه، لكن في غزوة بدر أسر المسلمون سبعين من المشركين.

كما أنه لم تكن هناك غنائم مسلمة في أيدي الكفار، ولم يقف الجيش المكي في أرض المعركة يوماً ولا يومين ولا ثلاثة، بل عادوا إلى مكة في ذلك الوقت، وقد قعد الرسول صلى الله عليه وسلم في بدر ثلاثة أيام، وقعد في غيرها من الغزوات ثلاثة أيام، بل إنه كان يقعد شهراً كاملاً في أرض القتال، لكن الكفار غادروا أحداً، ولم يفكروا في غزو المدينة المنورة مع أن المدينة خلا منها الجيش، فكل ذلك يدل على أن الموقعة ليست هزيمة للمسلمين، لابد لها من وصف آخر، سنسميها كما سماها الله سبحانه وتعالى، فالله سماها في الكتاب الكريم: مصيبة: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران:١٦٥].

وقال: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٦٦].