للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[غزوة بدر الصغرى]

أخذ صلى الله عليه وسلم يعد العدة ويجهز الجيش للقاء القادم مع المشركين، فقد كان هناك تواعد بين المسلمين والمشركين على اللقاء للمرة الثالثة: الأولى: بدر، والثانية: أحد، وكان من المفروض أن يكون اللقاء الثالث في هذه الأيام في السنة الرابعة من الهجرة.

وبالفعل جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيشه، وفي شعبان (٤هـ) أرسل رسالة إلى قريش يتواعد معها على اللقاء في بدر، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم بجيش قوامه (١٥٠٠) مقاتل، وذهب إلى بدر، وخرج كذلك أبو سفيان من مكة بـ (٢٠٠٠) من المقاتلين، ووصل المشركون إلى منطقة تسمى مر الظهران قريبة جداً من مكة، وعسكر الجيش هناك، ولا يزال أمامه طريق طويل حتى يصل لبدر، لكن الجيش الذي خرج كان متثاقلاً تماماً، وعنده نوع من التردد الكبير في قتال المسلمين، وفي داخله الهلع والهيبة للمسلمين مع أن الموقعة الأخيرة كانت لصالح المشركين، ووقف أبو سفيان في مر الظهران يخاطب الجيش ويقول لأصحابه: يا معشر قريش! إنه لا يصلحكم إلا عام خصب ترعون فيه الشجر وتشربون فيه اللبن، وإن عامكم هذا عام جدب، وإني راجع فارجعوا.

هكذا كان أبو سفيان، يتحجج بحجج واهية، فلو كانوا حريصين على القتال لخرجوا.

فاجتمع القوم على الرجوع، ولم يعارض أحد أبا سفيان في قضية العودة إلى مكة المكرمة، وبذلك تخلفوا عن اللقاء الذي وعدوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولم يبق الرسول عليه الصلاة والسلام في بدر ثلاثة أيام فقط، بل بقي ثمانية أيام متصلة؛ حتى يثبت للجميع أنه لا يهاب قريشاً ولا يخاف جيوشها ولا عدتها ولا عتادها، وكان في هذا أثر إيجابي كبير للدولة الإسلامية في الجزيرة العربية.