للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اليقين الجازم بوعد الله بالنصر]

النقطة الأولى: أننا نريد يقيناً مثل يقين الصحابة رضي الله عنهم أجمعين خاصة في غزوة الأحزاب، والأحزاب متجمعة حول المدينة المنورة في عشرة آلاف رجل، وهذا رقم ضخم جداً في زمان الجزيرة العربية وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ضائقة شديدة جداً، والرسول صلى الله عليه وسلم في وسط هذه الضائقة يضرب الحجر الضخم الذي استعصى على الصحابة ويقول: (الله أكبر! أعطيت مفاتيح الشام، والله! إني لأرى قصورها الحمراء الساعة، ثم ضرب الثانية وقال: الله أكبر! أعطيت مفاتيح فارس، والله! إني لأرى قصر المدائن الأبيض، ثم ضرب الثالثة وقال: الله أكبر! أعطيت مفاتيح اليمن، والله! إني لأرى قصور صنعاء من مكاني).

تخيل حال الصحابة وهم يسمعون بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح فارس والشام واليمن وهم في هذه الضائقة ماذا كان حالهم؟! أما المؤمنون فقد قالوا كما حكى الله عز وجل عنهم في كتابه الكريم: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب:٢٢].

في هذه الضائقة علموا أن نصر الله عز وجل قريب؛ لأن نصر الله عز وجل يأتي بعد اشتداد الأزمات، لكن المنافقون لما شاهدوا الفجوة الواسعة بين إمكانيات المسلمين في المدينة المنورة، وبين إمكانيات الأحزاب، قالوا كما حكى الله عز وجل عنهم في كتابه الكريم: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب:١٢]، هكذا قال المنافقون لما اعتمدوا في تقييمهم على رؤية الفجوة الواسعة الضخمة بين حال المؤمنين في هذه اللحظة وبين حال الكافرين، لم يقدروا قدر الله عز وجل، لم يقدروا عظمة الله عز وجل، لم يقدروا قوة الله عز وجل، ولما كان المنافقون لا يؤمنون كان هذا هو التقييم اللائق بهم، أما المؤمنون الصادقون الذين يعلمون قدر الله عز وجل وعظمته فقد علموا أن النصر قريب؛ لأن الأزمة اشتدت.

وها هي الأزمة قد اشتدت على الأمة الإسلامية واستحكمت حلقاتها، وسيأتي النصر إن شاء الله رب العالمين.