للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نسب الليث بن سعد ومولده وصفته]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

أما بعد: فما زلنا بحمد الله مع أعلام السلف الكرام، ومعنا في هذه الترجمة المباركة الإمام الحافظ شيخ الإسلام عالم الديار المصرية: أبو الحارث الفهمي الليث بن سعد رحمه الله.

قال أبو نعيم: ومنهم الثري السخي المري الوفي، لعلمه عقول، ولماله بذول، أبو الحارث الليث بن سعد، كان يعلم الأحكام مرياً، ويبذل الأموال سخياً، وهو من أئمة أتباع التابعين، من أقران مالك والسفيانين والأوزاعي، حفظ الله عز وجل بهم الإسلام، وارتفعت بهم أعلام السنة، ونكست أعلام البدعة، فرحم الله الجميع.

وقد كان الليث إماماً في الحديث والفقه والسخاء فرحمه الله رحمة واسعة، وأدخله جنة عالية قطوفها دانية.

اسمه: ليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري مولى عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، وقيل: ثابت بن ظاعن جد عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، وأهل بيته يقولون: نحن من الفرس من أهل أصبهان.

قال: أو سعيد بن يونس، وليس لما قالوه في ذلك عندنا صحة.

يقول: وروي عن الليث أنه قال مثل ذلك، والمشهور أنه فهمي، وفهم من قيس عجلان، يعني: بطن من قبيلة قيس عجلان.

مولده: ولد بقرقشندة، قرية على نحو أربعة فراسخ من مصر، في سنة أربع وتسعين، وقيل: ثلاث وتسعين.

ذكره سعيد بن أبي مريم، يقول: والأول أصح؛ لأن يحيى يقول: سمعت الليث يقول: ولدت في شعبان سنة أربع.

قال الليث: حججت سنة ثلاث عشرة ومائة.

صفته: عن عمرو بن محمد الحيري قال: سمعت محمد بن معاوية يقول وسليمان بن حرب إلى جنبه: خرج الليث بن سعد يوماً فقوموا ثيابه ودابته وخاتمه وما عليه ثمانية عشر ألف درهم إلى عشرين ألفاً، فقال سليمان: لكن خرج علينا شعبة يوماً فقوموا حماره وسرجه ولجامه ثمانية عشر درهماً إلى عشرين درهماً.

فمن العلماء من كان له صولة وجولة وعز ورفعة في الدنيا والآخرة كالإمام مالك، وكعالمنا في هذه الترجمة الليث بن سعد، ومر كذلك من العلماء الذين كان لهم شرف ومال وسخاء، فالإمام الزهري كان برتبة أمير في دولة بني أمية، وهناك الفقراء جداً، فقد مر بنا الأعمش أحد صغار التابعين، وكان يلبس فروة خروف، وكان يجعل الصوف إلى الخارج.

فقيل له: ألا جعلت الصوف إلى الداخل؟! وكذلك مر بنا شعبة الذي قوموا حماره وسرجه ولجامه بثمانية عشر درهماً إلى عشرين درهماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>