للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجليس والصحبة]

السبب الرابع عشر والأخير: وتعمدت أن أؤخره لأهميته؛ فالشيء إنما يقدم لأهميته ويؤخر أيضاً لأهميته؛ لأن ما يؤخر يكون غالباً آخر ما يبقى في الذهن.

والسبب الرابع عشر هو الجليس والصحبة: فالصحبة قد تكون صحبة عامة وقد تكون خاصة، فمثلاً أي شاب عنده مجموعة من الأقران والزملاء، هم جلساؤه، هذه القضية نتفق عليها، وما أظنكم بحاجة إلى أن أتحدث معكم عن أثر الجليس، لكن النقطة التي أشير إليها الآن لأهميتها هو الجليس الخاص، فيأتي الشاب مع مجموعة طيبة ومع أناس أخيار يعتبرهم صحبة له، ثم يصطفي داخل هذه المجموعة اثنين أو ثلاثة تجده يذهب معهم ويأتي معهم دائماً، وعندما تقابلهم تستطيع أن تكتشف هذه العلاقات الخاصة، فتجده لا يذهب إلا مع فلان ولا يأتي إلا مع فلان، فهنا يحصل الخلل، فقد يكون المجموعة خيرة ومع ناس أخيار ومستقيمين، ولكن قد يكون مع أحدهم ممن التحق بهم حديثاً أو ليس على مستوى أولئك، فيكون عنده ضعف وعنده بعض الشهوات، فعندما ضعيف مع ضعيف يكونان ضعيفين، وقد يجتمع الثالث فيكونون ثلاثة ضعفاء، فيجر بعضهم بعضاً ويهوي بعضهم ببعض.

فيجب -يا شباب- أن نختار لأنفسنا الجليس وخاصة الجليس الخالص، ولا يكفي مجرد الانتماء إلى مجموعة خيرة، لكن حتى داخل هذه المجموعة الخيرة يجب أن تصطفي من ترى أنه أقوى منك إيماناً وأكثر منك طاعة لله سبحانه وتعالى، ولا تختر أضعف المجموعة وأقلها، فيهوي بك وتهوي به، ويأخذ بعضكم بيد بعض حتى تخرجون خارج هذه الدائرة.