للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التفكر في آيات الله لا بد أن يثمر العمل]

سابعاً: التفكر في آيات الله عز وجل وما يتبعه من مشاعر لا بد أن يتحول إلى رصيد عملي، يقول الله عز وجل: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ * فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [آل عمران:١٩٠ - ١٩٥].

مع هذا التفكير في مخلوقات الله عز وجل، ومع هذا الدعاء، ومع ذكر الله عز وجل قياماً وقعوداً وعلى الجنوب مع ذلك كله الجزاء مرتبط بالعمل هذا التفكير وهذا الدعاء دعاهم إلى العمل: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} [آل عمران:١٩٥] وما هو هذا العمل؟ {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} [آل عمران:١٩٥] إن الهجرة والإيذاء في سبيل الله عز وجل وما يتبعها إنما هي نتيجة مباشرة لذاك العمل الذي كانوا يقدمونه حين تصدوا لحمل دين الله عز وجل ودعوة الناس إليه، حتى واجهوا ما واجهوا من قومهم فأوذوا وقاتلوا وقتلوا وأخرجوا من ديارهم لأجل أن يفروا بدينهم من تلك الفتنة التي تعرضوا لها.

إن هذه الهجرة مع أنها عمل، وهذا الإيذاء الذي تعرضوا له مع أنه عمل إلا أنهما أيضاً ناشئان عن عمل وجهد، لن يتعرض للإيذاء ولن يضطر للهجرة إلا ذاك الذي واجه الأعداء بما يكرهون، والذي أعلنها صريحة مدوية في وجه الأعداء، فاضطر لأن يتحمل الأذى والضيم في سبيل الله عز وجل، ويتبع ذلك بالخروج من تلك الديار وتلك البلاد يفر بدينه من الفتن.