للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في العمل]

وأما الواقع العملي للنبي صلى الله عليه وسلم فهو خير شاهد على ذلك، من منا لم يقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيقرأ فيها سيرة ذاك الرجل الداعي إلى الله عز وجل الذي يضحي بأوقاته، ويضحي براحته، وبكل ما يملك صلى الله عليه وسلم في العمل والخدمة لهذا الدين، وتراه صلى الله عليه وسلم وأنت تتمعن في كتب السيرة تراه في أوائل صفوف المجاهدين، وأول من يفزع إذا سمع وجفه أو صيحة، وأول من يرق قلبه حين يرى بعض أصحابه قد أصابتهم فاقة، وأول من ينفق على محتاج أو يحن على مسكين، تراه صلى الله عليه وسلم سباقاً في كل ميدان من ميادين العمل.

أليس لنا فيه قدوة صلى الله عليه وسلم وأسوة حسنة؟ إننا حين ندعو إلى اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى التأسي بسنته صلى الله عليه وسلم، وحين نقول: إن من علامة محبة المرء للنبي صلى الله عليه وسلم اتباعه لسنته، فإنه لا يجوز أن نقصر هذه السنة على جزء يسير من حياته صلى الله عليه وسلم من أعمال أو مظهر أو هيئة كان عليها صلى الله عليه وسلم، فسنة النبي صلى الله عليه وسلم هي أداء الصلاة في وقتها مع الجماعة هي قيام الليل هي صيام النفل هي تشمير الثياب هي إعفاء اللحية هي الدعوة إلى الله عز وجل هي الجهاد في سبيل الله عز وجل هي الرحمة بالخلق هي الإحسان إلى الناس هي العمل بكل هذه الشريعة وبكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.

إن تمام التأسي بسنة النبي صلى الله عليه وسلم واتباعها أن ننظر إلى سيرته صلى الله عليه وسلم في كل أحواله وسائر أيامه صلى الله عليه وسلم ونسير ورائها.

وقد كان صلى الله عليه وسلم أيضاً يربي أصحابه على العمل، وعلى أن يحملوا هم العمل، جاءه رجل فقال له: (يا رسول الله! متى الساعة؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: ماذا أعددت لها؟)، إن الذي ينبغي أن يشغلك ليس الحديث عن وقت الساعة متى تكون فهذا أمر علمه عند الله سبحانه وتعالى، إنما الذي ينبغي أن يشغلك وينبغي أن تسأل عنه هو العمل، ينبغي أن يكون همك هو العمل فأنت عرضة لأن يتخطفك الأجل في أي ساعة من ليل أو نهار، فهمك المرتبط بالساعة والذي يعنيك من الساعة هو أن تسأل ماذا عملت، وماذا قدمت، وماذا أعددت لهذه الساعة؟