للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نشأة الأفلام]

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.

أما بعد: فهذا هو الدرس السادس من هذه الدروس التربوية، وموضوعه كما قرأتم جميعاً: حصاد الأفلام.

وكان في نيتي أن يكون هذا الموضوع هو أول هذه السلسلة، أي: بداية هذا العام، وقد بدأت فكرته أثناء الإجازة ولكن تزاحمت الموضوعات حتى تأخر إلى هذا الوقت، وعسى أن يكون في الأمر خير! قبل أن نبدأ في الحديث نحتاج إلى أن نوضح مقصودنا بالأفلام التي نتحدث عنها؛ لأن الكثير من الإخوة وجهوا انتقاداً لموضوع المحاضرة وبالذات في هذا التوقيت، فنحن نعني بالفيلم: ذاك الفيلم التلفزيوني الذي يسجل، سواء كان يعرض من خلال أجهزة فديوتيب، وهو الاصطلاح الذي ينصرف إليه ذهن السامع عندما يقرأ مثل هذا الإعلان، أو من خلال شاشة التلفاز، سواء من خلال البث المحلي، أو من خلال استقبال البث المباشر، والكثير من الإخوة انتقد الحديث عن الأفلام في هذه الفترة التي أصبح يواجهنا فيها خطر أوسع وأشد من هذه الأفلام ألا وهو البث المباشر.

لكن أقول: إن الحديث عن الأفلام جزء من الحديث عن حمى البث المباشر؛ لأن البث المباشر عبارة عن أفلام لكنها تبث بصورة أخرى، فهي غير خاضعة لما يسمى بالرقابة، وكذلك تكون أكثر تركيزاً، ويستطيع أن يشاهدها المستمع والمشاهد ولو لم يكن عنده جهاز الفيديو.

وها نحن نرى الثمار السيئة لهذا البث تترى حتى استطاع المشاهد أن يشاهد أي قناة تلفزيونية دون أي صحن استقبال أو فضائي.

وسنلقي هنا نبذة سريعة عن نشأة الأفلام وكيف اخترعت: ففي البداية كان البث التلفزيوني مباشراً من خلال الأستوديو مباشرة، وتجرى التمثيليات والمسرحيات وغيرها من برامج التلفزيون فتذاع مباشرة من خلال الأستوديو، ثم في عام (١٩٥٦م) اخترعت الأفلام التي تسجل البرنامج التلفزيوني قبل أن يعرض، وقد مرت بمراحل حتى وصلت إلى هذا التطور الملحوظ فساهمت في كساد سوق السينما العامة؛ نظراً لأن الأفلام تتمتع بمزايا أكثر من خلال وضوحها وسهولة الاستخدام الشخصي.

فجهاز الفيديو يخاطب العين والأذن معاً، فهو يخاطب القارئ والأمي، ويخاطب الجميع، ويأسر مشاعر الإنسان، وينقل للإنسان صورة حية واضحة تشد انتباهه، ومن هنا فلا تستغرب إذا كان يجلس المشاهد أحياناً أربع ساعات أو خمس ساعات تجاه التلفاز أو شاشة الفيديو؛ نظراً لأن هذه الأفلام تخاطب الإنسان وتنقله نقلة أخرى إلى عالم آخر، بخلاف القراءة أو السماع المجرد.