للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انحراف الشباب]

أثر سادس: أن هذه الأفلام مسئولة مسئولية كبيرة عن كثير من حالات انحراف وفساد الشباب، وأظن أن هذه صورة معروفة ومشاهدة لدى الجميع، لكن يمكن أن أذكر بعض الأمثلة: في أحد أعداد مجلة دار الملاحظة، يذكر أحد الموقوفين في الدار: أن سبب مشكلته أصلاً تبدأ من خلال فيلم شاهده، وبعد ذلك قاده إلى أن يقع في الجريمة ويكون أحد نزلاء الدار.

وفي تحقيق أجرته جريدة الأنباء الكويتية أيضاً حول بعض هذه المظاهر: يذكر أحد هؤلاء الشباب أنه كان مع مجموعة من رفاقه فقام أحدهم بتشغيل الفيلم وبدأ بعد ذلك مسلسل الانحراف والفساد.

أحد الشباب كان طالباً يدرس عندي وهداه الله سبحانه وتعالى واستقام، وبعد فترة لاحظت عليه أثر التغير وانحرف عافانا الله وإياكم، فوجهت له هذا السؤال، قلت له: أريد أن أعرف السبب المباشر لتغيرك وانحرافك، فذكر لي أنه كان يجلس مع بعض الشباب الصالحين الأخيار وانشغل عنهم أو انقطع عنهم فترة معينة ويقول: كنت أجلس عند الباب فدعاني أحد الشباب في الحي -من أصدقائه القدامى- فدخلت عنده فشاهدت أحد الأفلام وبعد ذلك بدأ مسلسل الفساد والانحراف.

طبيعي جداً أن يكون فيلم واحد مسئولاً عن تدمير هذا الشاب، بل مسئول عن تدمير أسرة بكاملها، وسيأتي عرض نماذج من ذلك.

أقول: طبيعي جداً أن يكون ذلك؛ نظراً لأن هذا الشاب يعيش شهوة متوقدة وعارمة ويعاني من وسائل الإثارة والإغراء، وتفتح أمامه أبواب قضاء الشهوة، وإضافة إلى افتقاد التوجيه، وافتقاد النصح، ويفتقد هذا الشاب إلى من يعرف دوافعه ومن يعرف حقيقته، وأستطيع أن أقول: إن الرجل الذي يعرف حقيقة هذا الشاب وواقعه ودوافعه هو ذاك الذي قام بتسجيل هذا الفيلم له، أما الكثير من الناصحين، فتجد أن كثيراً من الأساتذة والآباء والكثير من أصحاب التوجيه يعيشون في بعد وغيبوبة عن مثل هذا الواقع، فهو يسمع عن شيء اسمه الأفلام يسمع عن شيء اسمه البث المباشر؛ لكنه لا يدري ماذا يدور وراء هذه الكواليس ولا يدري ماذا يشاهد أمثال هؤلاء الشباب، وعندما تحكي له قصة أو صورة من ذلك يضع يده على رأسه ويستغرب كيف يحصل مثل هذا، فكيف إذا شاهد مثل هذا الواقع بنفسه؟ ولا يعرف الإسلام من لا يعرف الجاهلية.

وأقول أيها الإخوة، وأكرر ما قلته قبل قليل: لا يسوغ أبداً أن نحكم على ظواهر المجتمع، ونحكم على المجتمع من خلال زوايا محددة نتعامل معها فقط، أو من خلال الواقع الذي يتعامل معه الإنسان أو الجو الذي يعيشه، فالواقع والمجتمع جو وفيه متغيرات أكبر بكثير من تلك التي تراها وتدركها.