للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السخاء والجود]

المجال الثاني: السخاء والجود: وهي صفة سادت عند العرب حتى صارت من أروع ميادين الفخر والثناء لديهم، وسارت بذلك أشعارهم وأمثالهم، يقول أحدهم: ذريني فإن البخل يا أم هيثم لصالح أخلاق الرجال شروق ذريني وحطي من هواي فإنني على الحسب الزاكي الرفيع شفيق ومستنبح بعد الهدوء دعوته وقد حل من نجم الشتاء خفوق فقلت له: أهلا وسهلاً ومرحباً فهذا صبوح راهن وصديق وكل كريم يتقي الذم بالقرى وللخير بين الصالحين طريق لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق ويأبى أن يأكل طعامه لوحده فلا يطيب له الطعام إلا مع الضيف: فيا ابنة عبد الله وابنة مالك وابنة ذي البردين والفرس الورد إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له أكيلاً فلست بآكله وحدي أخا طارق أو جار بيت فإنني أخاف مذمات الأحاديث من بعدي وحين يحل الضيف عليهم يحل بالترحاب واليمن والسعة: فراشي فراش الضيف والبيت بيته ولم يلهني عنه غزال مقنع أحادثه إن الحديث من القرى وتعلم نفسي أنه سوف يهجع بل الرقيق حين يجلب ضيفاً لسيده يكافئه بأعظم مكافأة ينتظرها مثله: أوقد فإن الليل ليل قر والريح يا غلام ريح صر عسى يرى نارك من يمر إن جلبت ضيفاً فأنت حر فجاء الإسلام وأبقى مكارم الأخلاق وهذبها، فقد أثنى على الكرم ودعا إليه لكنه هذبه، فبعد أن كان دافعه خوف المذمة أو الفخر على الناس صار الدافع رجاء الثواب: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) وكان أكرم الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ورث الكرم من خليل الرحمن الذي تلقى الملائكة بعجل سمين، جاء الإسلام فاتسع مفهوم السخاء والجود لتكون قمته الجود بالنفس في ميدان الوغى في سبيل الله، والجود بالنفس أقصى غاية الجود.

وليربي المسلم على أن يجود بجهده ووقته وعلمه نصرة للدين ورفعة لكلمة الله ونفعاً لعباده.