للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشذوذ عن المجتمع]

المعوق الثامن: الشذوذ عن المجتمع: حين يصبح السفور هو السمة السائدة في المجتمع، أو التساهل في شأن الحجاب هو القاعدة العامة وهو الظاهرة العامة، تشعر الفتاة أنها حين تلتزم بالحجاب تعيش شاذة عن هذا المجتمع الذي تعايشه، والشذوذ ليس بالضرورة صفة سلبية، بل هو حين يكون على خير وعلى حق هو دلالة على قوة الشخصية، ودلالة على أن الإنسان لا يستجيب لضغط المجتمع، ولا يستجيب لضغط الآخرين.

في كتاب الله تبارك وتعالى قص الله عز وجل علينا نبأ فتية لا يبلغ تعدادهم العشرة، عاشوا في مجتمع كان كل الناس فيه من أهل الشرك والضلال ودعوة غير الله عز وجل، ومع ذلك كان هؤلاء الفتية مؤمنين أتقياء صادقين؛ ذكر الله عز وجل قصتهم نبراساً للأمم من بعدهم إلى يوم القيامة، إن هؤلاء كانوا شاذين في عرف مجتمعاتهم.

بل هاهي امرأة طاغية من الطغاة وجبار من المتجبرين إنها امرأة فرعون الذي لم يعرف التاريخ رجلاً أكثر جبروتاً وتسلطاً منه، وأي جبروت أشد من أن يقول للناس: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص:٣٨] ثم يقول لهم: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات:٢٤]، ومع ذلك آمنت بالله تبارك وتعالى، فضربها الله عز وجل مثلاً للمؤمنين والمؤمنات {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنَ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم:١١].

كانت وحدها في بيت هذا الجبار الطاغية الظالم وذاقت ألوان العذاب والأسى، ومع ذلك بقيت مؤمنة صامدة متمسكة بما أمرها الله عز وجل به، فقضت نحبها وأراها الله تبارك وتعالى بيتها في الجنة قبل أن تلفظ روحها، وبقيت مثلاً يتأسى به المؤمنون والمؤمنات إلى قيام الساعة.