للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تأصيل معنى الالتزام]

أيضاً: من الأمور المهمة تأصيل معنى الالتزام وبيان أنه هو الأصل: الصورة المترسخة عند الناس أن الالتزام طارئ، لا أنه هو الأصل، فإن الله تبارك وتعالى خلق هذا الكون كله خاضعاً له: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء:٤٤]، {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} [الحج:١٨]، فالكون كله يخضع ويسبح ويسجد لله تبارك وتعالى.

فالشاب الملتزم المتدين يعيش في تناسق مع الكون كله، مع كل هذه المظاهر التي تراها خاضعة وم سلمة لله عز وجل، فمن هو الشاذ ولو كثر عدده؟ ماذا يساوي البشر اليوم على ظهر الأرض، والمعمورة كم فيها من البحار والأشجار لكن ماذا تساوي في ظل هذا العالم الفسيح الضخم، كل هذا العالم خاضع ساجد قانت لله تبارك وتعالى إلا أولئك الغافلين المعرضين! إذاًَ: فالتدين هو الأصل، الشاب حين يكون ملتزماً متديناً فهو يعيش في تناسق مع هذا الكون، يعيش حياة طبيعية، أما الآخر فهو الذي يسبح ضد التيار، فإن الله خلق الخلق ليعبدوه، فنحن حين نلتزم ونستقيم نحقق الغاية التي خلقنا من أجلها، ونسير عليها، أما أولئك فهم يتنكبون الطريق، شأنهم شأن إناء صنع لمهمة، ولو وضعته على النار لانكسر؛ لأنه لم يخلق لذلك ولم يصنع لذلك، كذلك هذا الإنسان الذي ينحرف عن طاعة الله عز وجل.

إذاً: فالالتزام هو الأصل وليس أمراً طارئاً، هذا المعنى نحتاج أن نؤصله وأن نبسطه، وتأصيل هذه المعاني ليس بمجرد كلام نقوله، وإنما تبسط هذه المعاني من خلال وسائل عديدة يعيشها الشباب في مشاعرهم، فحينئذ سيعيشون صورة الاعتزاز والتسامي والارتقاء.

الاعتناء بإبراز النماذج والصور الإيجابية، نبرز النماذج الصالحة أمام الشباب من السلف والخلف، فيتطلعون إليها ولا تكون القضية مجرد تركيز على نقد وأخطاء، وحينما نتناول النماذج والقدوات ينبغي أن نتناولها بطريقة لا تؤدي إلى الإحباط، إنما تؤدي إلى التطلع والاقتداء والرغبة في الارتقاء.