للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الوسطية والاعتدال سمة التشريع الإسلامي]

وجاء شرع الله تبارك وتعالى على وفق سنة هذه الحياة؛ لأن هذا الشرع جاء ليصلح حياة الناس، والناس لا تصلح حياتهم إلا بالاعتدال، ولهذا كان من سمات هذا الشرع الوسطية والاعتدال، ولو تأملت ذلك في كافة أحكام الشريعة لرأيت هذه السمة ظاهرة واضحة بارزة، وامتن الله عز وجل على هذه الأمة بأنها أمة الوسط، وجمعت معاني الوسطية: الخيرية والاعتدال، فقد حماها الله عز وجل من الغلو الذي وقع فيه من سلف من الأمم السابقة، وحماها تبارك وتعالى من الغلو في الطرف الآخر، إن هذه الأمة تعظم نبيها صلى الله عليه وسلم وتجله وتحبه وتطيعه، بل لا يتم إيمان عبد حتى يكون صلى الله عليه وسلم أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين، كما أخبر صلى الله عليه وسلم، لكنها لا تغلوا فتفعل كما يفعل النصارى الذين ألهوا نبيهم وجعلوه رباً من دون الله، ولا تجفو كما يجفو إخوان القردة والخنازير الذين كانوا يؤذون الأنبياء، بل يقتلونهم بغير حق، وهكذا شأن هذه الأمة في الشرع والأخلاق والدين.

فالاعتدال -أيها الإخوة- هو سنة الله في الحياة، وهو سمة هذا الشرع، وهو صفة هذه الأمة، ومن هنا كنا بحاجة إلى أن نتصف بهذه الصفة، كنا بحاجة إلى أن نتجنب طرفي الأمور، فكلا الطرفين مجانبة للاعتدال.