للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاعتقاد والتوحيد]

إن هناك مجالات يغيب فيها الاعتدال في حياة الناس، وحين يغيب قد يؤدي إلى غلو مذموم ممقوت يعتقد صاحبه أنه يحسن صنعاً، وقد يؤدي إلى جفاء وإفراط.

فالاعتقاد والتوحيد مبناه على الاعتدال، ولهذا أنكر الله عز وجل على أهل الكتاب: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} [المائدة:٧٧]، {وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء:١٧١].

وأضرب لكم مثلاً في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي من أمور الإيمان، بل مما لا يتم الإيمان إلا به، فمحبته وتعظيمه صلى الله عليه وسلم من الإيمان، لكن هذا التعظيم له قدره، فإذا جاوزه قد يؤدي بصاحبه إلى الشرك بالله تبارك وتعالى، كما نرى ممن يغلون في النبي صلى الله عليه وسلم وينزلونه فوق منزلته التي أنزله الله إياها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا بشر).

كذلك في إثبات ما أثبت الله عز وجل لنفسه ونفي ما نفاه عن نفسه تبارك وتعالى، فمن الناس من غالى في إثبات الصفات والأسماء التي وصف الله عز وجل بها نفسه وسمى بها نفسه، فغالى في ذلك، فأدى به ذلك إلى التشبيه والتجسيم وغير ذلك مما يقع فيه هؤلاء الغلاة، ومنهم من غالى في الطرف الآخر ففر من أن يشبه الله عز وجل بخلقه فغالى في نفيها وإنكارها.