للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة لمن ابتلي بعشق الأشخاص]

السؤال

هذا سؤال يتكرر كثيراً بصيغ عديدة، يقول: أنا شاب ابتليت بعشق شخص، وتجدني دائماً أفكر فيه، وأحاول أن أرى ما يسرني منه؛ لأني أحبه، وأحاول أن أقترب منه، وأحاول التمعن في وجه، وهكذا، فما هو الحل لهذه المشكلة التي أعاني منها؛ لأني وجدت ضعفاً في إيماني؟ وهذا يقول: ما هي أسباب العشق، وكيف التخلص منه؟ وهذا يقول: ماذا تقول عن شخص تمتلكه شهوته، فيذهب ويقضيها، وعندما يفرغ منها يبدأ ضميره يؤنبه، ويستمر التأنيب مدة طويلة، ثم تعود الشهوة وتسيطر عليه، وهكذا، فبماذا تنصح هذا الشاب؟

الجواب

هذا جزء من الصورة التي حكيناها وهي من يبتلى بهذه الشهوة، فتصبح هماً يسيطر عليه، ولعلنا قرأنا في هذا السؤال ما يشبه ما ذكرنا في المحاضرة من أن هذه القضية قد تسيطر على الإنسان، والحل -كما قلت لكم قبل قليل- في آخر المحاضرة: أولاً: أن الإنسان يتقي الله سبحانه وتعالى، ويحاسب نفسه، ويدرك شؤم المعصية، ثم خطورة التعلق بهذه الشهوات التي قد تكون سبباً في انحراف الإنسان وغوايته، وما أخطر أن تسيطر على الشاب هذه الشهوة، فتحكم تفكيره وتصوره.

ومن هنا فيجب أن يكون الشاب حازماً مع نفسه وجاداً، فيقطع الطريق عليها من أوله،؛ لأنه قد يستمر فتصبح عادة فيصعب عليه جداً أن يتحكم فيها، ولهذا فيجب أن يكون حازماً مع نفسه ويتخلص من الآن، ومع بداية الطريق، ثم لا يمكن أن يتخلص الشاب من هذه القضية إلا عندما يتوجه قلبه إلى الله سبحانه وتعالى، ويعلق قلبه بالله عز وجل، ودائماً يعبد الله سبحانه وتعالى بقلبه، ويتوجه إلى الله بقلبه قبل أن يتوجه إليه بلسانه، فهو قد يقرأ القرآن لكنه قد لا يستحضره في قلبه، ويشهد الصلاة لكنه قد يصلي ببدنه، فعندما يقبل على الله سبحانه وتعالى يجد الأنس واللذة، ثم يجد العتاب الشديد، واللوم للنفس عندما تتوجه إلى هذه الأمور التافهة.

فهذه خطوة مهمة، ثم خطوة أخرى أن يقطع على نفسه ما يثير هذه القضية، ويثير هذه الشهوة، فيقطع على نفسه النظر الحرام، والتفكير في هذا الموضوع، والتفكير في هذا الشخص، والتفكير في هذه القضية قدر الإمكان، ويحاول أن يشغل نفسه بين فترة وأخرى بالتفكير النافع المفيد.

وأخيراً: القضية التي أشرت إليها، وهي قضية التزاحم، فإن أدخل عنده اهتمامات بقضايا جادة فستشغله قطعاً، فإذا اهتم بقضايا جادة سيطرت عليه، فاهتم بإصلاح نفسه، وقراءة القرآن، والعلم، والدعوة، وغيرها، وصار لا يفكر أصلاً بهذه القضية، فلما ينظر إلى فلان لا ينظر من هذه الناحية.

ولعل بعد ذلك وقبله أن نوصيه بدعاء الله سبحانه وتعالى، والتوجه إليه، فالله عز وجل يقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:٦٠]، وقال: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ} [النمل:٦٢].