للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأسرة هي المدرسة التربوية الأولى للطفل]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.

أما بعد: فنسأل الله عز وجل أن يكون هذا اللقاء لقاء طيباً مباركاً، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، والتوفيق والسداد إنه سميع مجيب.

أسأل الله عز وجل أن يثيب الإخوة على دعوتهم، وأن يجعلني عند حسن ظنهم، وعند حسن ظن إخواني الذين قطعوا جزءاً من وقتهم لحضور هذا اللقاء، وأسأله تبارك وتعالى أن يجعلني خيراً مما يظن الناس بي، وأن يكتب لي ما لا يعلمون.

كان الموضوع الذي اقترحه الإخوة موضوعاً مفتوحاً وهو حول حديث تربوي، لكن هذا الموضوع أو هذا العنوان عنوان واسع فضفاض، والإخوة لم يقصدوا ذلك، إنما قصدوا أن يتركوا الاختيار لي، وقد ترددت كثيراً في اختيار الجانب التربوي الذي يمكن أن نتحدث عنه في مثل هذا اللقاء، فرأيت أن الحديث عن مؤسسة تربوية مهمة ربما يكون له أولوية في مثل هذا الوقت، ألا وهي المؤسسة التربوية الأولى الأسرة.

وحين نتحدث عن الأسرة فإن الحديث يطول، ولا يمكن أن نستوعب أطرافه ومضامينه في مثل هذا اللقاء العاجل المختصر، فرأيت أن أركز الحديث حول الرسالة التربوية للأسرة، ولئن كنا نحتاج إلى أن تؤدي الأسرة هذه الرسالة فنحن اليوم في هذا العصر وفي ظل هذه المتغيرات بل القفزات الهائلة التي تقفز إليها مجتمعات المسلمين اليوم، نحن أحوج ما نكون إلى أن نعيد لهذه المؤسسة رسالتها، وأن نرتقي بها لتؤدي هذه الرسالة.

إن أبناءنا وبناتنا اليوم لم يعودوا أبناء لنا، بل هم أبناء لوسائل التأثير، أبناء لوسائل الإعلام، أبناء للمؤثرات المتناثرة هنا وهناك في هذه المجتمعات، أليست هذه الوسائل اليوم تزاحمنا في أولادنا؟ أليست تسهم في تشكيل كثير من قيمهم ومفاهيمهم وموازينهم؟ أليست تؤثر على كثير من سلوكياتهم؟ إن الصور الشاذة التي نراها اليوم في الشوارع، وفي الأماكن العامة، وفي الأسواق بل وفي المدارس، إنما هي إفراز لتخلف الدور التربوي للأسرة، ربما يكون الزخم الهائل لهذه المؤثرات الوافدة أدى إلى أن تسرق الأوقات، وتسرق مساحات ومجالات التأثير من الأسرة، لكن هذا لا يعفينا من أن نسعى جادين إلى تعميق الرسالة والمهمة التربوية للأسرة.

ومن هنا كان هذا الحديث المقتضب والمختصر الذي لا يمكن أن يأتي على أطراف مثل هذا الموضوع لسعته وشموله وأهميته في مثل هذا اللقاء، ولهذا سأسعى إلى الإجابة على سؤالين رئيسين: لماذا؟ وكيف؟ لماذا نحن بحاجة إلى أن نفعِّل الرسالة التربوية للأسرة اليوم؟ وكيف تحقق الأسرة هذه الرسالة التربوية؟ حينما نتساءل اليوم عن أهمية الوظيفة التربوية للأسرة والرسالة التربوية للأسرة، فليس دافعنا لذلك هو مجرد إقناع الناس بالأهمية التربوية للأسرة، فأظن أن هذا أمر يتفق فيه الجميع، يتفق فيه المسلم والكافر، والجاهل والمتعلم، الجميع يتفقون على أن التربية مطلب وضرورة، وعلى أن الأسرة ينبغي أن تتحمل مسئولياتها في التربية، لكني سأحاول أن أسلط الضوء على بعض الإجابات على هذا السؤال، أعني به

السؤال

لماذا الرسالة التربوية للأسرة؟ سأركز على الإجابات التي تفيدنا في الميدان العملي أكثر من أن تكون مجرد مزيد إضافة للاقتناع بهذا الجانب وهذا العمل، هناك جوانب كثيرة تبرز أهمية الرسالة التربوية للأسرة، لكني سأجتزئ منها ما أرى أننا ينبغي أن نوظفه عملياً للإجابة على السؤال الآخر وهو: كيف نرتقي بالأسرة لتؤدي رسالتها؟