للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معوقات الاستقامة]

السؤال

البعض يسأل عن معوقات الاستقامة؟

الجواب

هذه المعوقات على كثرتها وتنوعها تعود إلى أصلين، إما إلى الشبهات وأما إلى الشهوات، فالشبهات ألا يتضح للإنسان الطريق، فمثلاً: قد يفهم الحق فهماً خاطئاً، وقد يلتبس عليه الحق بالباطل، ويتلبس عليه الأمر، وتأتيه هذه الشبهات والشكوك فتصرفه عن الحق، وأبواب اللبس في الشبهات كثيرة، فأهل البدع والضلال الذين يعبدون الله على جهل وضلال هم من أولئك الذين ضلوا باتباع الشبهات.

أو يعود الأمر إلى الشهوات، والشهوات كثيرة، وجماع الشهوات وقاعدتها هو أن الإنسان يعرف أن هذا الأمر محرم ويأتيه؛ لأن نفسه تشتهيه وترنو إليه أياً كانت هذه الشهوة، ويترك هذا الأمر لأنه لا يوافق هواه، فمنشأ الضلال ومعوقات الاستقامة إنما تعود في النهاية إلى هذين الأمرين، وسائر الأمور إنما هي مدعاة لتأصيل الشبهات أو مدعاة لتأصيل الشهوات، وخذ مثلاً في جليس السوء، فهو من أعظم الأسباب التي تعوق الإنسان عن الاستقامة، وهو إنما يعوق الإنسان عن الاستقامة من خلال الشبهات أو الشهوات، ولهذا يأمرنا الله عز وجل أن نسأله الهداية دائماً بقولنا: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:٦ - ٧]، فصراط الذين أنعم الله عليهم هو غير صراط الضالين وغير صراط المغضوب عليهم، والمغضوب عليهم -كما تعلمون- هم اليهود والضالون هم النصارى، وليس المقصود هاتين الطائفتين فقط، وإن كانت الأمة تشعر أنها على خط متواز مع هؤلاء، فلا يمكن أن تلتقي مع اليهود ولا النصارى؛ لأنهم أعداء، ففي كل يوم يقرأ المسلم مراراً ويستعيذ بالله من طريق الضالين وطريق المغضوب عليهم، لكن ليست القضية ضلال اليهود وحدهم أو النصارى، بل اليهود هم أئمة كل من ضل باتباع الشهوات، والنصارى هم أئمة كل من ضل باتباع الشبهات، فكل من ضل فله إمام، فإما أن يكون إمامه المغضوب عليهم، أو الضالون.