للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التربية على التضحية]

أيضاً الحج يربي على التضحية، يضحي الإنسان بماله، براحته، بوقته، في كافة الأوقات يعني: في الليل، في النهار، في الموطن هنا، في الموطن هناك، نجد أن الحجاج يعيشون ويضحون بكل هذه الأمور، يضحي بماله براحته، بوقته، بجهده، بأمور عديدة جداً يضحي بها لله عز وجل، ويتقرب بها إلى الله عز وجل، وهو ليس مكرهاً، يتقرب إلى الله عز وجل وهو فرح مستبشر، تجده يرتاح حينما يؤدي هذه العبادة، ويستبشر ويجد الأنس، وهو لا ينظر لهذه العبادة على أنها عبء، وعلى أنها أمر صعب بالنسبة له، إنما يجد الفرحة ويجد الأنس ويجد اللذة، حتى حينما يفرغ من العبادة وينتهي منها يجد الاطمئنان في نفسه.

هذا الأمر أيها الإخوة الكرام! يربي النفوس على التضحية، والنفوس بحاجة إلى التضحية، فالبخل داء سيئ في النفوس وداء مذموم؛ ولهذا كانت العرب تسمي البخيل فاحشاً، يقول طرفة: أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المتشدد أي البخيل، ويقول الله عز وجل: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة:٢٦٨]، والفحشاء هنا يقصد بها البخل، فالبخل صفة رذيلة، البخل ليس فقط في المال، البخل في أمور عديدة، أن يبخل الإنسان بجهد يبذله، أن يبخل الإنسان بوقته، أن يبخل الإنسان بطاقته، الحج يربي النفس على الجود، ويربي النفس على التضحية؛ ولهذا الحج جهاد لا قتال فيه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فهو يربي النفوس على الجهاد؛ لأن الجهاد فيه تضحية، والجهاد فيه بذل، والذين يريدون أن يبرزوا في ساحات وميادين الجهاد هم بحاجة إلى أن يتهيئوا، أن تتهيأ نفوسهم بالبذل وتتهيأ نفوسهم بالتضحية، ومما يهيئ النفوس للتضحية والبذل هذه العبادات العظيمة ومنها الحج.