للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تهيئة الصحبة الصالحة]

الأمر الثالث: تهيئة الصحبة، والصحبة من أخطر الأشياء وخاصة عند أمثالكم الذين يعيشون في هذه البلاد، إن الشباب المسلم اليوم عرضة لأن يتعرفوا على شاب منحرف أو فتاة منحرفة داخل مجتمعهم، ولكن أولادكم هنا عرضة لأن يتعرفوا على شاب كافر أو فتاة كافرة، والقضية لا تحتمل المخاطرة، فالقضية قد تدعو إلى الكفر والخروج من الدين، وهذا يحتم علينا أن نعتني بهذا الأمر وهذا الجانب، فنحن بحاجة -إخواني وأخواتي- إلى أن نعتني بتهيئة الصحبة الصالحة لأبنائنا وبناتنا، والأمر لا يتم من خلال المزيد من الحديث معهم حول هذا الأمر، وعن أهمية هذا الأمر، فهذا وحده لا يكفي، بل لا بد من الخطوات العملية التي تهيئ لأبنائنا وبناتنا أن يصحبوا الصالحين، وذلك من خلال اختيار المكان المناسب للسكن، وليس صحيحاً أن يختار أحدكم سكنه في أقرب مكان إلى الجامعة، أو أن يختار السكن الأقرب إلى موطن عمله، بل نحتاج إلى أن نختار السكن المناسب، ولو أدى إلى أن نسير خطوات، ولو أدى إلى أن ندفع ثمناً أغلى؛ ففلذات أكبادنا وأولادنا أغلى من أموالنا، وأغلى من كل ما نبذل، فنحن بحاجة إلى أن نختار مكان السكن المناسب، من خلال المكان المناسب القريب من المسجد، من المركز، من سكن المسلمين، اختيار الجيران المسلمين، من خلال اللقاءات العائلية، فمن المهم أن نفعّل اللقاءات العائلية بيننا وبين زملائنا، وأن نصحب عائلاتنا، فإنني حينما ألتقي بزملائي بأسرنا فإن أولادنا يلتقون مع بعضهم، فتلتقي البنات مع بعضهن، بخلاف ما إذا لم نفعل ذلك فإنهم يرون النموذج الآخر، إنه لا يرى إلا الوجه الكالح، فقد يذهب إلى المدرسة، وقد يذهب إلى الشارع، فلا يرى إلا أولاد الكفار، لكن حينما يأتي ويقابل أبناء المسلمين ويجالسهم، فالهموم مشتركة ومتقاربة، فهذه اللقاءات تكثيفها والاعتناء بها أمر مهم، ولو أدى ذلك إلى أن نضحي، ويجب ألا يكون الدافع لهذه اللقاءات مجرد تقضية الوقت، ألا يكون الدافع لهذه اللقاءات مجرد إمتاع الأهل، بل يجب أن تكون هذه اللقاءات مستهدفة لتحقيق التربية، وليس بالضرورة أن يكون معيار نجاحها هو ما نقدم فيها من برامج وتوجيهات أبداً، إن مجرد اللقاء ومجرد التعارف ومجرد التآلف بين هذه الشريحة بحد ذاته له أثره الكبير على أولادنا وبناتنا.

ومن خلال المدارس: اختيار المدارس الإسلامية والمدارس المناسبة التي تهيئ لهم أن يتعرفوا على هؤلاء.

إخواني وأخواتي: أنتم أعلم بواقعكم مني، وصلتي بالحياة الغربية لا تعدو أن تكون زيارات عاجلة خاطفة، أو قراءة محدودة، وأنتم أعلم مني بالوسائل التي يمكن أن تعينكم على تهيئة الصحبة الصالحة لأولادكم.

إن الصحبة الصالحة المسلمة ضرورة ولا بد أن نسعى إليها، ليس من خلال التوجيه وحده, وإن كان التوجيه مطلوباً ومهماً، لكن من خلال الوسائل العملية التي تعينهم على ذلك، والصداقة والصحبة لا تفرض فرضاً، إنك لا تستطيع أن تلزم ولدك أن يصاحب فلاناً وفلاناً، وإنك لا تستطيع أن تلزم ابنتك أن تصاحب فلانة أو فلانة، قد تستطيع أن تنهاهم وتجبرهم وتعاقبهم، لكنك لا تستطيع أن تخرج محبتهم من قلوبهم.