للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية زيارة البلاد الإسلامية]

الأمر الثالث: من المهم زيارة الدول الإسلامية -سواء دولكم أو الدول الأخرى- قدر الإمكان، وهذه الزيارة -مهما كانت أوضاع الدول الإسلامية غير مشجعة- تجعلهم يرون الصورة الأخرى: يرون المساجد، ويرون المصلين، ويرون البيئة الإسلامية، ويرون الفارق، وحينما ندير نحن التعامل مع ما يشاهدونه من واقع في هذه الدول من خلال إبراز الوجه الآخر، وأن نبرز التواصل الاجتماعي، والكرم، والسخاء، والصور الايجابية في كثير من بلاد المسلمين والتي يفتقدونها في واقعهم الآخر الغربي، وأن نبرز الصور السيئة في الواقع الغربي، فإن هذه تربطهم بأمتهم وتربطهم بواقعهم.

لقد رأيت في بعض البلاد طائفة ممن هاجروا من الدول الإسلامية لا يفصل بين بلدهم الأصلي والبلد الذي يقيمون فيه إلا البحر، كنت أقول: لو ذهبت سباحة في هذا البحر لوصلت إلى بلدكم، ومع ذلك فإن الجيل الثاني لا يعرف لغة بلده لا يعرف اللغة العربية، ولم يزر بلده قط، وليس هناك ظروف تمنعه من ذلك.

فهذا التزاور سيتيح اللقاء بأقرانهم من الصالحين، والمشاركة في بعض أنشطتهم، فحينما تذهب إلى بلاد المسلمين تحرص قدر الإمكان على أن يلتقوا بالشباب الصالحين، وبالفتيات الصالحات، ويشاركوهم بعض الأنشطة، وهذا سيكون بإذن الله عز وجل له دور في ربطهم بأمتهم، وفي ربطهم بدينهم، وفي إبراز الصورة الأخرى من الواقع المقابل للواقع الذي يعيشونه.

أخيراً: قد نضطر إلى التعامل مع الواقع الذي يفرض نفسه، فقد لا يكون ولدك متديناً، وقد لا يكون صالحاً، وقد لا تكون بنتك كذلك، وسيبقى ولدك هو ولدك وتبقى بنتك هي بنتك، فحينما لا يكون أولادك على ما يسر فلا غنى لك عن التعامل معهم، ولا غنى لك عن تقبل هذا الوضع، صحيح أنت لا تسوغ الانحراف، ولا تقبل بالانحراف، ولا تقل: إن طريقك صحيح، لكن يجب أن تقف في نقطة وسط بين بيان الخطأ، وبيان عدم رضاك عما هو عليه، وبين تقبله، فسيبقى ولدك وستبقى ابنتك بعد ذلك.

هذه بعض الخواطر التي في ذهني حول مثل هذا الموضوع، وأدرك أن تجربتكم ومعايشتكم لا شك أنها تقودكم إلى أن تدركوا في مثل هذا الأمر ما لا أدركه، لكني استجابة لطلب الإخوة ورغبة في الحديث معكم، والذي كنت أتمنى أن يكون حديثاً مباشراً، وأن يكون كفاحاً، وأن يتم اللقاء بيننا وبينكم، لكن ما دام أنه لم يتح لنا هذا اللقاء فلا أقل من مثل هذا اللقاء البعيد الذي لا يفي بما أريد وما تريدون.

أسأل الله عز وجل أن يكون لقاء طيباً ومباركاً، ويهب لنا وإياكم من أزواجنا وذريتنا قرة أعين، ويجعلنا للمتقين إماماً؛ إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.