للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أول الأربعة]

عاشراً: أول الأربعة، استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم: (من علم لا ينفع) في أحاديث كثيرة منها ما رواه مسلم وأحمد عن زيد بن أرقم، وما رواه أحمد وابن حبان والحاكم عن أنس، وما رواه الترمذي والنسائي عن ابن عمر، وما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم عن أبي هريرة، وما رواه النسائي أيضاً عن أنس، كل هذه الأحاديث يستعيذ فيها النبي صلى الله عليه وسلم من علم لا ينفع، وفي بعضها يقول: (اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع، وعلم لا ينفع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع).

ويقول صلى الله عليه وسلم أيضاً: (سلوا الله علماً نافعاً، وتعوذوا بالله من علم لا ينفع) رواه ابن ماجة وابن حبان من حديث جابر.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (علم لا ينفع ككنز لا ينفق منه) إذاً فالنبي صلى الله عليه وسلم يحذرنا من العلم الذي لا ينفع، وعندما تقرأ في كتب آداب العالم والمتعلم تجد أن السلف يحذرون من الانشغال بالعلم الذي لا ينفع، ماذا يعني هذا؟ أليس يعني: الجدية؟ أليس يعني: أن يكون المرء جاداً، حتى طلب العلم، حتى تعلم العلم، لا يسأل ولا يتعلم إلا ما ينفعه، لقد عاتب الله سبحانه وتعالى عباده، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة:١٨٩].

سأل الناس عن الهلال ما باله يبدو صغيراً ثم يكبر؟ فأجابهم الله بغير سؤالهم: {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة:١٨٩] بما ينفعهم، ثم قال: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} [البقرة:١٨٩].

قيل في تأويل هذه الآية: إن معنى هذه الآية أن سؤالكم عما لا ينفع إنما هو إتيان للبيوت من ظهورها، فأتوا البيوت من أبوابها، ائتوا العلم من الطرق الموصلة إليه، واسألوا عما ينفعكم.