للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لكن الناس لا يستحملون]

ثالثاً: لكن الناس لا يستحملون.

يعني: بعض الناس يقول لك: الكلام الذي تقوله كله صحيح، لكن يا أخي الشباب ما يتحملون، وحرام عليك أن تنفر الناس إلى غير ذلك؛ ولهذا تبدأ برامجنا هزيلة هزيلة هزيلة، لماذا؟ حتى نجمع الناس، حتى نجمع الغثاء، هذه النهاية التي نصل إليها، يا أخي هذا شاب انتقل من الشارع إلى حياة الاستقامة والالتزام، كان في الشارع فوضوياً لا يعرف استئذاناً، ولا يعرف انضباطاً، ولا يعرف أدباً، لا يعرف إلا الكلمة القبيحة، رجل كان يعيش حياة تختلف كلياً، عندما استقام والتزم انتقل نقلة هائلة جداً في مظهره، في عبادته، في اهتماماته، في منطقه، طيب نحن نريد أن ننقله نقلة أخرى جادة، المسافة الآن أيهما أبعد: المسافة بين هذه النقلة بين واقعنا الذي هو عليه الآن والصورة الجادة التي نريد أو المسافة بين النقلة الذي كان عليها في الشارع وتلك الصورة؟ لقد انتقل نقلة هائلة من الشارع إلى حياة الاستقامة والخير والصلاح، إذاً فهو مؤهل، هذا الذي انتقل هذه النقلة عنده استعداد أن ينتقل، وأن يكون جاداً أيضاً، لكن متى؟ عندما يتربى.

أعطيكم صورة: مصعب بن عمير كان شاباً مترفاً منعماً فتياً يشم العطر منه عندما يمر في السوق، ومع ذلك عندما أسلم وتابع النبي صلى الله عليه وسلم عاش حياة الشظف فهاجر إلى الحبشة ثم هاجر إلى المدينة وتغرب وصار به ما صار إلى أن قتل في غزوة أحد وما وجدوا عنده شيئاً إلا بردة واحدة فقط، إذا غطوا بها رأسه بدت قدماه، وإذا غطوا قدميه بدا رأسه.

فمع احترامي لك ولأصحابك من الذي يكون أكثر ترفاً من مصعب بن عمير؟ وأيضاً لا نريدهم أن يصلوا إلى حالة مصعب بن عمير، فأقول: الذي جعل مصعب بن عمير وهو بشر ينتقل هذه النقلة الهائلة يمكن أيضاً أن يجعل هؤلاء ينتقلون نقلة دونها بكثير.

أقول: لا يسوغ أن نجعل وضعنا مقياساً، ونقول: لابد أن نحفظ برامجنا حتى تكون هزيلة، ويتخرج لنا جيل هزيل، ليس عنده استعداد أن يتحمل أي شيء، ولا يمكن أن يطلب منه موقف، ولا يمكن أن يصمد أمام أي فتنة، سواء كانت من فتنة الشبهات أو فتنة الشهوات.