للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية دراسة المسائل الدعوية العامة دراسة جماعية متأنية]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.

أما بعد: فعنوان هذه المحاضرة: الطاقات المعطلة، ولعلي أتمثل بقول الأميري رحمه الله: قم وجه اللاهين بالذكرى إلى النهج القويم فالمجد ليس ينال بالدعوى أو الصوت الرخيم عبء الرسالة ليس لهواً إنه عبء جسيم القول دون الفعل لا يهدي الصراط المستقيم هذا الموضوع أيها الإخوة! أحسب أنه يحتاج إلى غيري، وأرى أنني عندما أتجشم نقاش هذا الموضوع، ووضع الحلول له، أنني أرتقي مرتقى لست أهلاً له، ولذا فإني لن أتجاوز قدر إثارة الموضوع، وطرح أو اقتراح بعض الحلول، والتي ليست إلا حلولاً عاجلة وآنية، وأرى الموضوع يستحق أكثر من ذلك.

وهنا سؤال يفرض نفسه: ما مدى العمق والموضوعية في طرح قضايا الصحوة وقضايا الدعوة؟ ألا تدركون معي أن الكثير من الموضوعات الأساسية والجوهرية التي تهم الدعوة وتهم الصحوة إنما تطرق ارتجالاً، فهي خواطر يعدها محاضر استجابة للإلحاح عليه من فلان، أو هي خواطر عاجلة يسطرها أيضاً في صحيفة أو في كتيب.

وقد يكون أيضاً الدافع وراء ذلك ليس هو القناعة بهذه الفكرة، أو الشعور بضرورة طرحها، وإنما نتيجة لإملاء أو ضغوط، فيحصل في الواقع كثير من حالات الإجهاض الفكري لكثير من قضايا الدعوة وقضايا الصحوة، فتطرح طرحاً آنياً، وطرحاً سطحياً لا يتناسب مع عمق وأهمية الموضوع.

وهنا لست أقلل أيها الإخوة! من الجهود المبذولة، ولا مما يطرح سواء مما يطرحه الإخوة المحاضرون، أو الكتّاب أو غيرهم، بل هناك لا شك أطروحات فعلاً على مستوى ما نحتاج إليه، لكن أشعر أن هناك قضايا كثيرة هي أكبر أصلاً من مفكر واحد، وأكبر من رجل واحد، فيحتاج إلى أن يتنادى إليها عقلاء القوم، وأن يطرح كل ما عنده.

ألا تستحق قضايا الصحوة أن تعقد لأجلها مؤتمرات وندوات وبحوث لعلاج مثل هذه القضايا التي تعنينا؟ ومن نريد أن يعنى بأمراضنا، ويعنى بتصحيح مسيراتنا إلا نحن؟! فليس من المنطق، ولا من المقبول لا شرعاً ولا عقلاً بأي مقياس أو بأي منطق؛ ليس من المقبول أن تكون حلولنا وأطروحاتنا وعلاجنا لقضايا الصحوة، والقضايا الجوهرية حلولاً سطحية.

وأظن أن هذا الكلام مؤيداً لما قلته قبل قليل، مؤيداً لما قلته أن هذا الموضوع أشعر وأجزم أنه أكبر من حجمي بكثير، ولكن ما أريد أن أصل إليه هو فقط إثارة هذا الموضوع، والعناية به.