للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضبط تخصيص الوقت]

الاقتراح الرابع: ضبط تخصيص الوقت: خصص الوقت بطريقة مضبوطة، حتى تعمل العمل المناسب في الوقت المناسب، مثلاً: شخص يريد أن يقرأ كتاباً مركزاً فلا يمكن أن يقرأ هذا الكتاب في وقت الظهيرة مثلاً، وجهاز التكييف الذي عنده مزعج، أو لا يعمل بصورة مريحة، فعندما تريد أن تقرأ عليك أن تختار وقتاً مناسباً، عندما تريد زيارة أو عملاً أياً كان فيجب أن تختار الوقت المناسب.

من ذلك مثلاً العبادة: هناك أوقات مناسبة للعبادة، وهناك أوقات تناسب القراءة، ومن الاشتغال بالعمل المفضول عن العمل الفاضل أن تكون قراءتك وتحصيلك في وقت العبادة، فكان أولى أن تصرفه في العبادة، وتصرف في القراءة وقتاً آخر.

أوقات الهدوء أوقات مهمة جداً، فمثلاً بعد الفجر إلى الساعة الثامنة أو التاسعة في الإجازة وقت مهم ووقت هادئ، فليس فيه احتمال أن يتصل عليك أحد بالهاتف، أو يزورك ثقيل، أو يزعجك طفل من الأطفال، أو يطلبك الأهل، غالب الوقت هادئ، ومن ثم فالجو هادئ، فهذا الوقت يعتبر قمة من الأوقات، لا يمكن أن تصرف هذا الوقت في شيء آخر ثانوي.

جانب مهم أيضاً: طبيعة الشخص: مثلاً الإنسان الذي اعتاد أن ينام بعد الفجر وقتاً معيناً، وهذا يعني أنه لا ينام بعد الظهر، فهو أعلم بنفسه فليست مشكلة، لكن أهم شيء أن تضبط الوقت، ولا يطغى النوم، فلك أن تنام بعد الفجر، أو تنام العصر، لكن تخصص الوقت المناسب لك، فتشعر مثلاً أن وقت الظهيرة مع توفر أجهزة الراحة والتكييف ربما كان مناسباً لك.

عندما تريد أن تزور أحداً أو تستقبل أحداً ينبغي أن تختار الوقت المناسب للزيارة، والذي يضبط الوقت فلا يضيعه عليك، فالزيارة بعد المغرب ربما تكون مناسبة باعتبار أنه وقت قصير، لكن الزيارة هذه الأيام بعد العصر خير وسيلة لإضاعة الوقت، والزيارة بعد العشاء في وقت الشتاء هي الأخرى من أفضل الوسائل لإهدار الأوقات.

كذلك هناك ما يمكن أن يشترك فيه أكثر من عمل، مثل السفر، فإذا سافر الإنسان فإنه يستطيع أن يصطحب معه كتاباً، بعض الأعمال لا تنجزها في أوقات السفر، لا أدري مثلاً ربما أتكلم عن حالتي الشخصية، من أفضل الأوقات لي أوقات السفر، وأجد فيها راحة، وفراغ أكثر بكثير من أوقات الإقامة، فقد يعود هذا لظروف خاصة، وقد يعود لطبيعة معينة؛ لكن أنا أعتبر أن وقت السفر يمكن أن تجمع فيه بين أمرين، فأنت مسافر مثلاً فتقرأ في الطريق، لأنه يتيسر لك فيه وقت، المهم أنك تستطيع أن تجمع فيه بين عملين، لو حسب كل واحد منا كم يقضي في السيارة لوجد وقتاً طويلاً، إذا افترضنا أن طريقك إلى المدرسة أو الجامعة أو العمل يستغرق منك ربع ساعة، فهذا يعني أنك تستغرق في اليوم نصف ساعة ذهاباً وإياباً، مع أن العادة أن العودة تكون أطول قليلاً بسبب الازدحام، فلنفترض أنه نصف ساعة، وهذا يعني أن عندك في الأسبوع ساعتين ونصف ساعة، وعندك في الشهر عشر ساعات، هذه العشر الساعات هي الوقت الذي تقضيه في الطريق ذهاباً وإياباً إلى مقر دراستك أو عملك، فهل هي مغتنمة فعلاً أو ضائعة؟ أنت مثلاً خلال هذه العشر الساعات ربما تقلب المذياع تبحث عن إذاعة في حالة من الحالات، أو يكون لك شأن آخر فهذا لا يضر إلا إذا قضيت الوقت كله هكذا هدراً، مع أنك لو رتبت لك برنامجاً لسماع بعض الأشرطة، واستطعت أن تسمع بمعدل عشر ساعات في الشهر لكان ذلك حسناً، وهذا إذا افترضنا أنك لا تذهب وتأتي إلا في وقت الدوام فقط، أما لو حسبت الأوقات الأخرى التي تذهب فيها وتأتي فستجد وقتاً كثيراً.

وهذا لا يعني أنك يجب أن تغتنم كل هذه الأوقات، لكن العشر ساعات أعطنا منها خمس ساعات على الأقل، وافترض أنك في الخمس الساعات الأخرى غير مهيأ لاغتنامها.

وإذا صرت مجهداً فاغتنم الوقت بالتفكير، فالتفكير من أهم ما يمكن أن يغتنم به الإنسان وقته، فيفكر في وقته، ويفكر في أمور مهمة يستطيع أن يستفيد منها في دينه ودنياه.

الإنسان على مائدة الطعام يستطيع مثلاً أن يستمع إلى نشرة الأخبار إذا كان حريصاً على نشرة الأخبار، فبدلاً من أن يخصص لها وقتاً يستمع إليها أثناء تناول الطعام، المهم أنك تستطيع أن تجمع بين أكثر من عمل.

إذا كنت تريد إنساناً في مقابلة سريعة ووقت سريع فيمكن أن تلتقي به على وجبة الطعام، فلا تضيع عليك ولا عليه وقتاً، وتستطيع أن تستفيد من هذا الوقت مثلاً في قضاء حاجتك وحاجته.

ربما تحتاج إلى إنسان في موعد، تريد أن تتناقش معه في موضوع، أو تستشيره في أمر، فإذا لم تجد وقتاً فيمكن أن تصحبه في السيارة مثلاً، فتذهب به إلى صلاة الجمعة أو إلى أي مكان فتوفر على نفسك وعليه وقتاً.

المقصود أن هناك أوقاتاً يشترك فيها أكثر من عمل، ويمكن أن يجمع فيها الإنسان أكثر من عمل، فينبغي أن نعتني بها.