للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من الطاقات المعطلة أصحاب المواهب]

كذلك من الطاقات المعطلة أيضاً: أصحاب المواهب أو الموهوبون: وللأسف نحن أسوأ الأمم والمجتمعات برعاية الموهوبين، فالدول الأخرى عندها شيء اسمه رعاية الموهوبين، وهو غير موجود في مجتمعاتنا إطلاقاً، فهناك مدارس خاصة بالموهوبين، ودراسات خاصة، ومؤتمرات خاصة لتدريس الموهوبين ورعايتهم، وهناك دراسة أجراها مكتب التربية العربي لدول الخليج عن واقع الموهوبين في دول الخليج العربي فإذا قرأتها فستنصدم عندما ترى ما فيها من النتائج.

فهناك سؤال وجه لوزارات التعليم في دول الخليج: هل توجد إدارة أو جهة مسئولة عن الموهوبين؟ فالجميع أجاب بلا ما عدا البحرين.

وهناك أسئلة أخرى: هل توجد خطط تربوية خاصة بالموهوبين؟ وهل توجد تشريعات تربوية خاصة بالموهوبين؟ وهل توجد مناهج دراسية خاصة بالموهوبين؟ وهل توجد برامج تربوية خاصة بالموهوبين؟ وهل يوجد معلمون متخصصون في التعامل مع الموهوبين؟ وهل هناك متابعة للطلاب الموهوبين؟ فالجميع أجاب: بلا.

فهذا واقع الموهوبين عندنا، لكن نحن لا نخاطب أولئك فلهم من يتحدث معهم، نخاطب الدعاة والأساتذة، فنقول: يجب أن نلتفت إلى هذا الجانب، أعني: الطاقات الموهوبة، وهذا أمر شرعي، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة)، فالناس يختلفون: طاقات ومواهب.

والنبي صلى الله عليه وسلم أيضاً يقول: (مثل ما بعثني الله به من العلم والهدى كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً، فكان منها نقية قبلت الماء) إلى آخر الحديث.

ويقول: (الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا).

فعل كل حال ليس هذا وقت التأصيل لهذه القضية، لكن هذه القضية معروفة شرعاً، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يحرص على إيمان فئة من الناس يعلم أن لإيمانهم ودخولهم في الإسلام أثراً في خدمة الإسلام والمسلمين.

فما مدى عناية الأساتذة بهؤلاء الموهوبين؟ أنت أستاذ تدرس في مدرسة وعندك طالب شاعر، أو عندك طالب ذكي، أو عندك طالب يملك أي مواهب معينة وقدرات معينة، فما مدى عنايتك بتوجيهه ورعايته؟ وبعبارة أخرى: ما مدى عنايتك بتوظيف مثل هذه الطاقة لخدمة الأمة؟ فبدلاً من أن يكون هذا شاعراً شعبياً يكتب في صفحة الأدب الشعبي، وبدل من أن يمدح فلاناً وفلاناً من الناس نريده يا أخي أن يوظف هذه الطاقة لخدمة دين الله سبحانه وتعالى.

وأنا أمامي مرحلتان مع هؤلاء الموهوبين: المرحلة الأولى: أن يكون هذا الموهوب أحد المتابعين، أو أحد العاملين فعلاً في جيل الصحوة، وحوله إلى إنسان مهتدي وإنسان عامل، إنسان فعلاً يشعر بأن الدعوة هي همه وهي كل شيء، إذا ما نجح في الأمر هذا، ولم أنجح في تربيته التربية الكاملة على الأقل يا أخي أوجد عنده قناعات، على الأقل أكسبه كمؤيد، وكرجل على الأقل محايد، وقد تكون كلامات محدودة أوجهها لمثل هذا الموهوب تجعله يوجه مساره إلى خدمة هذا الدين، وخدمة قضايا الأمة.

ويجب أيضاً أن ينتبه إخواننا الكرام إلى أن الموهوب ليس هو الذكي فقط، لا، لا شك أن الأذكياء طبقة من طبقات الموهوبين، لكن غيرهم كل من يملك طاقة وقدرة وموهبة ليست عند الآخرين فهو رجل موهوب نحن بحاجة إلى توظيفه.

ولذا فأنا هنا أدعو الأساتذة الذين يملكون الغيرة فعلاً على واقع الأمة أن يحرصوا على هؤلاء ويعتنوا بهم، سواء في استصلاحهم وهدايتهم لأن فيهم الخير الكثير، أو على الأقل في دعوتهم وتوجيههم بكافة الوسائل؛ لتوظيف طاقاتهم لخدمة قضايا الأمة.