للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الورع في الجانب الشخصي]

أخيراً: ننتقل إلى الحديث المهم وهو الصحوة والورع، فتحدثنا حول قضايا لتأصيل الورع وبعض القواعد المهمة فيه، ثم نعود بعد ذلك إلى الحديث عن الصحوة وحاجتها إلى الورع.

فنحن أولاً نحتاج إلى الورع في الجانب الشخصي، والسلوك عند الناس، بدءاً بالورع الواجب، وهو ما أوجبه الله سبحانه وتعالى من فعل الواجبات، وترك المحرمات.

ولعلنا نتساءل بأسى وحزن: أين نماذج العباد الصالحين، الأخيار الأتقياء، التي كنا نسمع عنها في حياة السلف؟ أين صور العبادة والإقبال على الله سبحانه وتعالى، والزهد والورع والخوف من الله عز وجل وصلاح القلوب؟ أين تلك الأحوال التي سقنا بعضها، والتي نسمع عنها من أخبار السلف، فما بالنا لا نرى نماذج منها؟ وما بالنا عندما نسمع هذه القضايا نشكك في صحتها، أو نشكك في نسبتها، أو نبحث عن المعاذير؟ لأننا لم ترق نفوسنا أصلاً لإدراك هذه المعاني؟ ها نحن نرى جيل الصحوة المبارك وقد ملأ الآفاق، وانتشر بحمد الله وعلا صوته، فهل نرى في جيلنا العباد والزهاد والورعين، نحن لسنا نحكم على الناس، ولا شك أن هذا الجيل فيه خير كثير والحمد لله، لكن أيضاً ألا ترون معي أننا نفتقد هذا الجانب كثيراً في سلوكنا، وأننا أحوج ما ندعو الناس بأعمالنا وسلوكنا.

إن المقالة التي يقولها المرء قد تحرك القلوب، وتؤثر في النفوس، وقد تسطر وتتداولها الأجيال، لكنها لا يمكن أن ترقى بحال إلى موقف يقف، وحدث يروى فيترك أثراً عظيماً في النفوس أبعد بكثير من آثار هذه الكلمة المجردة.

فلماذا لا نسعى إلى أن نتمثل هذه النماذج في أنفسنا، فنكون كما أننا ندعو الناس إلى ترك المنكرات بأقوالنا وأعمالنا ندعو الناس إلى الإقبال على العلم الشرعي، وعلى طاعة الله عز وجل بما نقول ونحدث الناس به، ونكون كذلك قدوة في أعمالنا، وفي سلوكنا، وفي صلاحنا واستقامتنا فندعو الناس بأعمالنا وأحوالنا قبل أن ندعوهم بأقوالنا، وأن نكون ممن إذا رءوا ذكر الله عز وجل.