للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تربية الناشئة على الورع]

الأمر الثاني: تربية الناشئة وجيل الصحوة على ذلك، كما طرحنا السؤال السابق نطرحه مرة أخرى: ما مدى اعتبار هذا الجانب ضمن أهدافنا التربوية، هل نحن نسعى فعلاً جيل ورع، يتصف بصفات التقوى والصلاح والخوف من الله سبحانه وتعالى؟ ألسنا نعاني الآن من كثير من الأمراض التي يعاني منها الشباب ويبحث عن الحل والعلاج والمخرج؟ والعلاج والمخرج هو في الإيمان بالله سبحانه وتعالى والصلاح والتقوى.

فكم يرى منا الجيل والناشئة من الحديث حول هذه القضايا في مجالسنا وفي دروسنا وفي منتدياتنا، فعلينا أن نحدث الناشئة وأن ندعوهم وأن نربيهم من خلال القول والتعليم والتدريس وأن نربيهم من خلال العمل، والسلوك فيرون فيما نقدمه لهم وفي سلوكنا التورع عما حرم الله.

نعم لا شك كما قلت أننا نرى جيلاً من الشباب والناشئة قد أقبل على الخير، وأقبل على طاعة الله سبحانه وتعالى، قد أخذ على نفسه أن يصلح ويغير في واقع أمتنا، وصار الناس يتطلعون إلى هذا الجيل، وينظرون إليه نظرة المحب، نظرة من وقع على كنز كان يبحث عنه.

وينظرون إليه أيضاً نظرة المشفق عليه من الانحراف أو الضياع، والمشفق عليه من كيد أعدائه ومكرهم، وهذا دليل على أن الناس قد بدءوا يشعرون أن هؤلاء يمثلون بإذن الله عز وجل خيط النجاة لهم، وهذا أمر صحيح.

لكن أيضاً ينبغي أن نربي هذا الجيل الذي يتطلع الناس إليه على الورع وتقوى الله عز وجل، والخوف منه، فإنه يحاط بفتن كثيرة، يحاط بفتن الشهوات، ويحاط بفتن الشبهات، ويحاط بوسائل تصده عن سبيل الله عز وجل وتفتنه عنه، فنخشى أن يكون من بينهم من يؤمن بالله سبحانه وتعالى ويتوجه له لكن تأتيه شهوة من شهوات النفس فتصرفه وتصده.

أو يكون بينهم ممن قال الله عز وجل فيهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت:١٠].

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} [النساء:٧٧].

إن هؤلاء وأولئك لو تربوا على الورع والإيمان والتقوى والصلاح لسمت نفوسهم، ولاستطاعوا بإذن الله عز وجل وتوفيقه أن يجتازوا هذا البلاء وهذا الامتحان.

أقول: إن الشباب والفتيات وجيل الصحوة تواجهه فتن العصر الحاضر، فتن الشهوات وفتن الشبهات، وكم نرى ممن يتنكب الطريق، وممن يزيغ يمنة ويسرة، ولو عنينا بتربية الإيمان والتقوى والورع في النفوس لكان ذلك بإذن الله سبحانه وتعالى حاجزاً وسداً مانعاً من مقارفة هذا الفساد والانحراف، ولكان مانعاً بإذن الله عز وجل من ضياع هذه النشأة.