للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم الإنكار على الورع وتسميته تنطعاً

السؤال

نظراً لاختلاف المقاييس بين جيلنا والسلف فإنه ينكر على الشاب كثيراً عندما يريد أن يتورع، ويكون هذا الإنكار من الشباب الملتزمين على أنه تنطع، فما رأي فضيلتكم؟

الجواب

أحياناً يقال لمن حافظ على صلاة الفجر: إنه متنطع ومتفرغ، الذي يطالب بتغطية وجه المرأة يقال له أيضاً هذا تنطع.

وهذه مقاييس واسعة، لكن ميزان كل إنسان يكون على حسب دينه وتقواه وورعه، وهو يحس أنه في الوسط، وحس أن الذي أتقى منه غلاة ومتشددون ومتورعون، وكثيراً ما نسمع هذا الكلام.

وللأسف أن بعض الصالحين الأخيار عندما يرى إنساناً يتورع عن شيء يقول هذا متشدد، ونحن نقول: على الأقل المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، وهو قد اختار هذا القول.

وكم سمعت من كثير من الشباب من يحكم على شخص بأنه متشدد، وهو اتبع مسألة فيها خلاف معتبر، فما دامت المسألة فيها خلاف ورأي معتبر، وهذا اتبع رأياً من آراء: هل العلم، وعنده دليل الكتاب والسنة، فيجب ألا تصفه بذلك، بل هو احتياطاً يا أخي تورع.

وأما متى يكون الإنسان متشدداً، فذلك حينما يتورع عن حلال ليس فيه شبهة أصلاً، بل هو حلال واضح.

حينها يكون الإنسان متشدداً فعلاً وغير متورع.

أما حين يتورع عن أمر فيه إشكال وفيه شبهة فلا.

ثم أيضاً هناك فرق بين السلوك الشخصي وبين التحريم والتحليل وإفتاء الناس، فأنا قد أتورع عن طعام في شبهة فأتركه؛ لكنني لا أعتقد تحريمه، ولا أنهى الناس عنه، لكن أتركه تورعاً مثلما ترك النبي صلى الله عليه وسلم التمرة التي رآها وخشي أن تكون تمر الصدقة، مع أنه صلى الله عليه وسلم لا يعتقد أن هذه محرمة، ولم ينه من تحرم عليه الصدقة أن يأكل من مثل هذا التمر الذي يجده، بل هو حلال له لا شك فيه.