للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التخلص من المعايير الخاطئة في تخصيص الوقت]

الاقتراح الخامس عشر والأخير: التخلص من المعايير الخاطئة في تخصيص الوقت:- وهذه قضية تعود إلى الأولويات، فهناك معايير خاطئة في تخصيص الوقت، فأمامك الآن وقت بعد العصر، وعندك عشر مشاغل، فبأي شيء تبدأ؟ هناك معايير خاطئة مسيطرة على النفس تتحكم في تخصيص الأوقات، منها: طلبات الآخرين: فالشيء الذي يلح عليه الناس ويطلبونه تنهيه قبل، وهذا ليس بالضرورة أنه الشيء الملح، فمثلاً مسئول يحرص على إنجاز معاملة حريص عليها صاحبها، لكن هذا يشغله عن التخطيط لعمله الذي هو أمر مهم، وقل مثل ذلك في أي قضية من القضايا، فطلبات الآخرين ليست معياراً سليماً في تخصيص الوقت.

قرب الموعد النهائي: من المعايير المسيطرة علينا كثيراً هو أن الشيء الذي يقترب الموعد النهائي فيه نعتبر له أولوية، وربما كان هذا على حساب الأمور التي ليس لها موعد نهائي، فمثلاً القراءة ليس لها موعد نهائي، والتخطيط للأعمال ليس له موعد نهائي، فهناك أعمال ليس لها موعد نهائي.

ولهذا إذا كان هذا المقياس عندك فستهمل أعمالاً كثيرة ربما كانت أولى، وربما رأيت في حالة من الحالات أنك تفرط في أمر مثلاً، وأن غيره أولى منه وعلى حسابه.

من المعايير الخاطئة: درجة الاستمتاع: فهناك أعمال ممتعة بالنسبة لك أكثر من غيرها، فأحياناً الزيارة والذهاب والإياب أكثر متعة من القراءة، وهذا معيار خاطئ أن تخصص وقتك للزيارة على حساب القراءة.

والقراءة نفسها درجات، فهناك قراءة ممتعة أكثر، فالسير والتراجم والأدب أكثر متعة، فحينما تخصص وقتك لهذه القراءة أظن أن هذا معيار خاطئ.

من المعايير الخاطئة: درجة المألوفية: فالإنسان يحب العمل الذي يألفه، ولا يحب العمل الذي لم يعتده، وربما يكون عملاً ما اعتدت عليه ولا ألفته أفضل بكثير من عمل ألفته واعتدت عليه.

من المعايير الخاطئة: الأعراف الاجتماعية: فمثلاً أنا لست مقتنعاً أبداً أنه عندما يكون هناك مناسبة بعد العشاء -خاصة أيام الشتاء- أن يقول: عندنا مناسبة بعد العشاء، فواحد يأتي بعد العشاء، والثاني يأتي الساعة الثامنة، والثالث يأتي الساعة الثامنة والنصف، والرابع يأتي الساعة التاسعة، ويجلسون ساعة أو ساعتين ينتظرون إنساناً حتى يشرف ضيافتهم، ومن ثم ينتهي الوقت.

يا أخي! من الممكن أن نحدد وقتاً محدداً، نقول مثلاً: الساعة الثامنة، أو الساعة التاسعة، أو التاسعة والنصف، وانتهينا، وبعد الظهر مثلاً وقت ضائع عندما يكون هناك مناسبة.

هذه القضايا الاجتماعية لابد أن تضبط، والأعراف الاجتماعية لا يجوز أن تسيطر علينا فتكون مدعاة لإضاعة أوقاتنا، فالمناسبات العادية التي بعد صلاة العشاء كم يضيع فيها من الوقت؟! فلو حددت لما وجدنا حرجاً، فلنجعلها ساعة كاملة أو ساعتين، فليست هناك مشكلة، لكن نحدد لها بداية ونهاية بحيث نغير أعرافنا الاجتماعية.

لا يسوغ أبداً أن تكون أعرافنا الاجتماعية حاكمة لنا في تخصيص أوقاتنا، ونحاول أن نعود الناس لا أن نتعود على ما يفعله الناس.

وهذه -كما قلت- لا تعدو أن تكون مقترحات ووسائل لاغتنام الوقت، فحديثنا ليس حديثاً عن الوقت جملة، إنما هو عن بعض الوسائل التي تعيننا على اغتنام الوقت.

وهذا تنبيه يقول: هناك بحث جيد في الوقت وكم نستغل منه وكم نضيع، نشر في مجلة البيان قبل أعداد بعنوان: فن إدارة الوقت، والبحث اطلعت عليه وجيد، وطيب القراءة فيه.