للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الانفصام الواقع في المؤسسات التربوية بين النظرية والتطبيق]

ومن المسوغات الانفصام الواقع في المؤسسات التربوية بين الأهداف النظرية والتطبيق العملي، فأنت مثلاً عندما تأتي إلى المؤسسات التربوية، وتقيم المنهج والخطة النظرية ترى أنها خطة عالية وأهداف عالية.

خذ على سبيل المثال أهداف التعليم في المرحلة الثانوية، أو في المرحلة المتوسطة، تراها أهدافاً عالية، وهي تربية الشاب على الجهاد، وعلى المعاني الإسلامية، والأخلاق الفاضلة، وارجعوا إلى سياسة التعليم وخطة التعليم؛ لتروا كيف أنها أهداف متميزة؛ لكن عندما تأتي إلى الواقع العملي ترى أن هناك مسافة شاسعة بين تلك الأهداف النظرية وبين الواقع العملي.

مثلاً: قد لا أبالغ إذا قلت: إنك يمكن أن تجد أستاذاً يدرس منهجاً من المناهج سنوات عديدة وهو لا يعرف أهداف المنهج، ولم يطلع على أهداف المنهج وخططه.

قد ترى مثلاً موجهاً تربوياً، أو ترى شخصاً يقوم بالتخطيط التربوي، فتجد أنه يعيش في واقع نظري بحت بعيداً عن الواقع العملي، وترى العزلة بين الأستاذ والموجه، وبين من يقوم بالتخطيط، ترى أن الأستاذ أصبح يتصور أن عمله مجرد مهنة يتقاضى عليها راتباً، والموجه هو الآخر كذلك، ومن يقوم بالتخطيط التربوي، ومن يتولى المؤسسات التربوية أياً كانت فإن قطاعاً عريضاً من هؤلاء يتعامل مع هذا العمل على أنه مهنة مجردة يتقاضى عليها راتباً، فلا تسأل بعد ذلك عن نتيجة تربية مثل هذا الإنسان الذي ينظر هذه النظرة التربوية.

أقول: إن هناك خللاً في المؤسسات التربوية من خلال جوانب عدة، من خلال المسافة الشاسعة بين النظرية والتطبيق، فقد يكون التأصيل النظري جيداً ورائعاً، ولكن الخلل في العمل والتطبيق، بل قد ترى أستاذاً له سنوات طويلة في المرحلة الثانوية لو تسأله عن أهداف التعليم في المرحلة الثانوية لا يعرف الأهداف.

إذاً: لماذا نضع نحن هذه الأهداف حبراً على ورق، تسأله عن أهداف المنهج لا يعرف أهداف المنهج، فضلاً عن تطبيقه لها وسعيه إليها.