للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التكامل بين الجوانب التربوية والجهادية والدعوية]

السؤال

في ظل واقع هذه الصحوة، هناك من يدعو إلى التربية الجهادية والذهاب إلى ساحة الجهاد، وهناك من يدعو إلى التربية على العلم الشرعي وغيرها من أمور التربية التي نحن بحاجة إليها، فما هي الأولويات التي يتربى عليها في ظل هذه الظروف، وجزاك الله خيراً؟

الجواب

هذا سؤال مهم، وكثيراً ما يرد السؤال والنقاش والجدل حوله، فنقول: أولاً: هناك أشياء لا بد منها للمسلمين جميعاً، كقدر من العلم الشرعي، وقدر من إنكار المنكر، وقدر من الصلة بالله سبحانه وتعالى.

ثم يبقى جانب التخصص المهم، فمن الخطأ أن نتصور أن الأمة كلها يجب أن تذهب إلى ساحات الجهاد، فمن سيبقى هنا؟ ومن سيحمي الجيل؟ وتخيلوا مثلاً أن كل الناس ذهبوا إلى الجهاد، فمن سينكر المنكرات كلها؟ من سيربي؟ من سيبقى لأهل الفساد في مجتمعات المسلمين كله على مستوى الأمة؟ جانب آخر: جانب العلم الشرعي، فليس كل الناس مؤهلين أن يتوسعوا ويتبحروا في العلم الشرعي، وكذلك جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكافة الجوانب التي نريدها، فلماذا نحن نفترض التناقض، ونتصور أنه ليس هناك إلا ميدان واحد؟ أقول: هناك قدر مشترك مطلوب من الجميع، ثم بعد ذلك يبقى جانب التخصص، ولا ينبغي أن يشغب أحد على أحد، فنحن نحتاج إلى من يشارك الأمة في ميادين الجهاد، نحتاج إلى من يتبنى أمور الأمة الاجتماعية، إنقاذ أصحاب الفقر وقضاء حوائجهم، وأن يوفر وقته وجهده لمثل هذه المشاكل الاجتماعية.

نحتاج إلى إنسان يتفرغ للعلم الشرعي وتعليمه، نحتاج إلى إنسان يتفرغ لدعوة الشباب المعرضين، نحتاج إلى إنسان يتفرغ لتربية الشباب المستقيمين، نحتاج إلى جوانب كثيرة وجهود كثيرة ليس واحداً منها هو المطلوب دون غيره، وليس واحداً منها هو الأولى دون غيره، بل كل هذه الأمور مطلوبة، ويجب أن تسير معاً في خط متوازٍ.

ومن الخطأ أن نفترض أولويات أو تناقضاً أو تضارباً، وأنه ما دام هذا الميدان مهماً فالآخر غير مهم، ولا يجوز أن يسخر صاحب ميدان من الميدان الآخر، بل يجب أن نشعر أننا جميعاً في خندق واحد، مثال: مثل الجيش الذي يحارب، فهو يحتاج إلى قائد، إلى رجل متفرغ في غرفة عمليات يدير الاتصال وينظمه، يحتاج إلى إنسان يشارك في القتال، إلى إنسان يحمي الخلف ويحرس، إلى إنسان يعد الطعام، يحتاج إلى فني عمله فقط إصلاح السيارات والمعدات، يحتاج إلى معالجة الجرحى وإخلاء طبي، نحتاج إلى أدوار كثيرة.

لو جاءنا الإنسان الذي يعد الطعام للجيش، وقال: والله أنا أحتاج للقتال، فإن الناس يقاتلون ويتعرضون للاستشهاد، وأنا جالس أعد الطعام! إذاً: من سيعد الطعام للجيش؟ ومن سيقوم بهذا الدور؟ فهي أدوار قد تتصور أن هذا أهم، وهذا أولى، وهذا ثانوي، لكنها هي كلها مهمة ومطلوبة، ولابد منها جميعاً، ولا يجوز أن نفترض التناقض وأن يشغب بعضنا على بعض في مثل ذلك.