للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أيهما تختار]

الصفحة الخامسة عشرة: لقد أفاد الكثير من الشباب أن الذي يعوقهم عن سلوك طريق الاستقامة هو الشهوة المحرمة، واسمع ما قاله أحد الشباب، يقول: هناك كلمة أخيرة أحب أن ألقيها، وهي مشكلة حياتي وعمري، ألا وهي شهوة الجنس، فأنا أعتبرها كأنها أشد من إدمان الهروين والعياذ بالله، فماذا أفعل عندما أرى بنتاً في الشارع مثلاً، أو امرأة تشتد الشهوة على الرغم من أنني لا أسمع الأغاني، ولا أشاهد التلفزيون إلا في الأخبار فقط، ولا أشاهد المجلات، فكيف بمن يشاهد ما هو أسوأ من ذلك؟! يقول: ولكن هذه المشكلة لم أجد لها حلاً، وهي المشكلة الوحيدة التي تؤثر على قلبي، وعلى دراستي، وعلى مستقبلي، فماذا أفعل.

ليست هذه الكلمة الوحيدة، إنها مجرد نموذج واحد اخترته مما كتبه وسطره الكثير من أولئك الشباب.

أي البدائل تختار أن تمتع نفسك بالشهوة واللذة العاجلة، والتي تكون نتيجتها مرضاً جنسياً، أو سجناً مظلماً، أو نهاية مؤلمة، أو عقوبة عاجلة من الله عز وجل، أو أن تختار ما يقول عنه النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عن أبي هريرة: (لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها)، ثم يقول بعد ذلك: (ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحاً، ولأضاءت ما بينهما، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها).

ويقول في الحديث الآخر، وهو في الصحيحين: (أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضوء كوكب دري في السماء، لكل امرئ منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب).

فأيهما خير لك الشهوة العاجلة، أم ذاك النعيم المقيم الذي يصفه لك النبي صلى الله عليه وسلم؟! هناك تحقق ما تريد، ولكن مع الرضا والطمأنينة، ومع السعادة واللذة التي لا تزول ولا تحول، أما هذه الدنيا فوالله لو اجتمعت لك كل الشهوات واللذات، فإنها سرعان ما تزول بغمسة واحدة في العذاب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا يوم القيامة من أهل النار فيغمس غمسة في العذاب، فيقال له: هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك خير قط؟ فيقول: لا، يا رب).

فأي البديلين خير لك؟ واسمع ما يقول ابن القيم رحمه الله في وصف تلك التي تنتظرك حينما تنتصر على نفسك وعلى شهواتك، والجزاء من جنس العمل، يقول: ولله كم من خيرة لو تبسمت أضاء لها نور من الفجر أعظم فيا لذة الأبصار إن هي أقبلت ويا لذة الأسماع حين تكلم ويا خجلة الغصن الرطيب إذا انثنت ويا خجلة البحرين حين تبسم فإن كنت ذا قلب عليل بحبها فلم يبق إلا وصلها لك مرهم يراها إذا أبدت له حسن وجهها يلذ بها قبل الوصال وينعم تفكه منها العين عند اجتلائها فواكه شتى طلعها ليس يعدم وللورد ما قد ألبسته خدودها وللخمر ما قد ضمه الريق والفم تقسم منها الحسن في جمع واحد فيا عجبا من واحد يتقسم تذكر بالرحمن من هو ناظر بجملتها أن السلو محرم لها فرق شتى من الحسن أجمعت فينطق بالتسبيح لا يتلعثم إذا قابلت جيش الهموم بوجهها تولى على أعقابه الجيش يهزم ولما جرى ماء الشباب بغصنها تيقن حقاً أنه ليس يهزم فيا خاطب الحسناء إن كنت راغباً فهذا زمان المهر فهو المقدم وكن مبغضاً للخائنات لحبها فتحظى بها من دونهن وتنعم وكن أيماً ممن سواها فإنها لمثلك في جنات عدن تأيم وصم يومك الأدنى لعلك في غد تفوز بعيد الفطر والناس صوم