للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ألا يكون البيت كالمقبرة]

هذه العبادة والتوجه لله سبحانه وتعالى، وعمارة البيوت بذكر الله عز وجل لها آثار ونتائج عدة منها: أن لا يكون البيت من المقابر، والنبي صلى الله عليه وسلم قد شبّه البيت الذي لا يُصلى فيه بالمقبرة، فما وجه الشبه بين البيت الذي لا يصلى فيه والمقبرة؟

و

الجواب

أن المقابر لا تجوز الصلاة فيها سداً لذريعة الشرك كما تعلمون، لكن أيضاً في هذا الحديث معان أخرى أشار إليها شُرّاح الحديث، منها: أن أهل المقابر لا يصلون في قبورهم، وإنما ذلك خاص بالأنبياء كما رأى النبي صلى الله عليه وسلم موسى يصلي في قبره.

فأهل المقابر لا يصلون في قبورهم، وحين لا يصلي المرء في بيته يصبح بيته كالمقبرة لا يُصلى فيها.

معنى آخر: أن البيت الذي لا يصلي فيه الإنسان يصبح للنوم والاستراحة، والنوم أخو الموت فهو الموتة الصغرى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام:٦٠] {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر:٤٢].

فحين يكون بيت المرء لنومه فقط صار شبيهاً بالمقبرة التي هي للأموات، فصار هذا البيت له كحال القبور لأصحابها فهم لا يعيشون فيها إلا موتى، وهذا لا يعيش فيه إلا ميتاً، ويؤيد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ذكرناه قبل قليل: (مثل البيت الذي يُذكر الله فيه والبيت الذي لا يُذكر الله فيه كمثل الحي والميت).

وعلى كل حال فهذه المعاني كلها محقرة لهذا البيت الذي لا يُصلى فيه واستدل بهذا الحديث على النهي عن الصلاة في المقبرة.

ثانياً أهل القبور لا يصلون، وحال هذا البيت الذي لا يُصلى فيه كحال أهل القبور، إلا أنهم يفارقوا أهل القبور أنه يكتسب السيئات وأولئك قد انقضى عنهم، أيضاً هذا البيت ليس إلا للنوم وهو الموتة الصغرى فحاله فيه كحال أهل القبور في قبورهم.