للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يفعل التائب إلى الله إذا هدده أصدقاؤه السابقون بكشف أسراره]

السؤال

أنا شاب رجعت إلى الله ولي أصدقاء ليسوا صالحين، وهؤلاء يعرفون أسراري وأحوالي، ويستهزئون بي، ويهددونني إن رجعت إلى الله أن سوف يكشفون أسراري، فكيف أعود إلى الله وجزاكم الله خيراً؟

الجواب

أولاً: أسرارك لازم تكشف، فأنت أمام خيارين الآن، افترض فعلاً أنهم لا يجرءون على كشف هذه الأسرار؛ لأنهم ليس لهم مصلحة، وكشف الأسرار فضح لهم، لكن افترض أنك وصلت إلى نقطة أن أسرارك ستكشف، فليس الحل أن تتراجع، لأنك إذا رجعت فستكشف أسرارك مرة أخرى، لكن في موقف آخر: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة:١٨].

فيا أخي! بالله عليك قارن بين أن أسرارك تكشف في محيط مهما كان فهو ضيق، وبين أن تكشف أمام الله عز وجل وأمام الخلائق يوم القيامة، هذا جانب.

الجانب الثاني: أن هذا الأمر تهديد ومحاولة ضغط؛ ولهذا أنا قلت: ينبغي أن تبتعد عن أصدقائك السابقين، وللأسف بعض الشباب ينهار مع هذا الضغط، ثم ولو كشفت هذه الأسرار فما هي إلا معاص وكبائر كنت تفعلها، وافترض أنها كانت فواحش، فغايتها أن تقول: يا أخي! أنا فعلت هذا وتبت إلى الله عز وجل، وانتهينا.

يا أخي! أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقعون في الشرك، وليس الفواحش فقط، وأكثر ما تتصوره في هذا الشاب أنه وقع في بعض الفواحش، فليقل ما يقال، أنا تبت إلى الله ورجعت، فلا تلتفت إلى مثل هذا الكلام.

وليس أيضاً من المصلحة أن تقول: نعم أنا كنت أفعل كذا وتبت، وإن كان هذا الكلام لو قلته فلن يلومك الناس، لكن يمكن أن تقوله بصورة أخرى، تقول: من يثبت هذا الشيء؟ تقول: كل إنسان قادر على أن يتكلم ويقول هذا الكلام.

فأنت لم تقل أمراً تؤاخذ به شرعاً، وأيضاً نفيت ما تتهم به، وهؤلاء الناس الذين يتجرءون على الكبائر يمكن أن يتجرءوا على الكذب.

وأقول: أبشر بطول سلامة، فالكثير من أمثالك يعانون، والمشكلة أن كثيراً من الشباب يمنعه من التوبة هذه القضية.

يا أخي! ضع نفسك أمام خيارين: إما أن تتوب وتستمر، أو ترجع مرة أخرى إلى الذي خفت أن يكشف عنك، ثم تكون عرضة لأن تكشف أسرارك أمام الخلائق يوم القيامة، {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة:١٨]، تكون عرضة لأن تعيش أنت وأصدقاؤك هؤلاء في موقف الحساب فيتبرأ كل واحد منكم من الآخر: {رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:٣٨].

افترض أنك حوصرت وما بقي أمامك إلا هذا الخيار، فسيبقى خيار كشف الأسرار أهون عليك بكثير من أن تكشف يوم القيامة أمام الله سبحانه وتعالى.

لكن أقول: استعن بالله سبحانه وتعالى، وادع الله عز وجل، وثق إن شاء الله أن الله سبحانه وتعالى سيعينك.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم إلى طاعته، وأن يجنبنا وإياكم أسباب معصيته وسخطه، وأن يجعلنا وإياكم من المتحابين بجلاله، ويظلنا في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

وأشكر الإخوة الذين شرفوني بحضور هذا اللقاء، والحديث مع إخواني الشباب، ونسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا العمل بما علمنا، وصدق النية والإخلاص.

هذا، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

ع