للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حاجة الشباب والفتيات إلى الحديث الدعوي ممن يعرف واقعهم]

جانب آخر له أهميته أخواتي الفاضلات: وهو أن فتياتنا وشبابنا يعيشون في هذا العصر أزمات هي جزء من نتاج هذه الهجمة الموجهة على هذه الأمة، ويعيشون واقعاً مؤلماً، فهم جميعاً شيباً وشباناً رجالاً ونساءً يحتاجون إلى من يحدثهم عن واقعهم، خاصة في مرحلة الشباب.

فالفتاة بحاجة إلى أن تسمع من تلك المعلمة التي ترى أنها تعرف واقعها، وتدرك مشكلاتها، وتعي حقيقة معاناتها، أن تحدثها بلغة واقعية، وبلغة العارفة المدركة لواقعها، وتطرح عليها الحلول العملية، ليست تلك الحلول المثالية والمغرقة في الخيال، ولا تلك الحلول التي تراها تتناسب معها هي، أي: المتحدثة، إنما تخاطب الفتاة التي تستمع إليها بما ترى أنها تعاني منه، وتتحدث معها بكل صراحة ووضوح عن مشكلاتها ومعاناتها، ثم أيضاً تطرح لها الحلول العملية التي ترى أنها تطيق أن تسلكها.

والفتاة حين تسمع مثل هذه اللغة، وتنصت إلى مثل هذا الخطاب، فإنها حينئذٍ تدرك أنها تستمع لصوت يجمع بين النصح والشفقة والعلم والوعي والمعرفة بالواقع، فهذا أدعى للاستجابة، وأدعى لأن تؤتي هذه الجهود بإذن الله عز وجل ثمرتها وبركتها.

أخواتي الفاضلات! في قطاع التعليم أو غيره -مدرسة كنت أو مديرة أو موجهة- وفي أي ميدان كنت نحتاج إلى جهد ودور عظيم منك لا يمكن أن يؤديه غيرك، إن الرجل قد يكتب كتاباً، وقد يتحدث حديثاً يسجل، لكنه لا يستطيع أن يوصل هذه الكلمة المكتوبة، أو يسمع تلك الكلمة المسجلة إلى كل فتاة، لا يستطيع أن يسمع تلك الفتاة المعرضة الغافلة البعيدة.

إن تلك الفتاة لا بد أن تكون تلميذة لمدرسة صالحة متدينة، لا بد أن تكون أختاً أو بنتاً لأم صالحة، أو قريبة لها، أو جارة لها، لا بد أن تعيش في واقعها القريب والبعيد، وأن ترى زميلةً لها أو أستاذةً أو أماً أو قريبةً أو جارة، أياً كان موقعها منها، لا بد أن ترى من أولئك النساء الخيرات الداعيات إلى الله سبحانه وتعالى.

وحين تقوم المرأة بتحمل أمانتها ودورها ومسئوليتها، فإنها تبلغ كلمة لا يستطيع الرجال أن يبلغوها، وتخاطب من لا يستطيع الرجال أن يخاطبوه، وتشافه أولئك اللاتي لا يمكن أن يسمعن ولا يعين إلا منهن، فهل تدركين -أختي الفاضلة- عظم الأمانة والمسئولية التي حملك الله إياها؟! إن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه).

والله سبحانه وتعالى قد وصف الأمة بأنها أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وأخبر أن هذا هو معيار ومناط خيريتها: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠].

وخطاب الشرع يعم الرجال والنساء، فنحن أمة أمارة بالمعروف ناهية عن المنكر، أمة قائلة بالحق، أمة داعية إلى الله سبحانه وتعالى.

الله الله -أخواتي الفاضلات- في تحمل هذه الأمانة، والقيام بدورها، وإبلاغ الكلمة لزميلتك إن كنت طالبة ودارسة، وإبلاغ الكلمة لتلميذاتك إن كنت مدرسة، وإبلاغ الكلمة لقريباتك، ولكل من تلقين، ولا تيأسي ولا تضجري من أن تبلغي كلمة، أو تبذلي جهداً، أو تأمري بخير، أو تنهي عن منكر، فنحن أحوج ما نكون إلى دورك، وإلى أن يتكاتف المسلمون جميعاً، وأن يحملوا الأمانة جميعاً، ويدركوا أنها أمانة لا تخص طائفة دون طائفة، ولا فئة دون فئة.

أسأل الله سبحانه وتعالى لأخواتي الفاضلات الستر والعفاف والحياء، وأن يرزقهن الله الأزوج الصالحين الناصحين، والذرية الصالحة، إنه سبحانه وتعالى سميع قريب مجيب.

وأكتفي بهذا الحديث؛ لأجيب على أسئلة الأخوات الفاضلات.