للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما من نبي إلا ورعى الغنم]

سادساً: ما من نبي إلا ورعى الغنم.

حين سئل صلى الله عليه وسلم عن رعيه للغنم أجاب بأن هذا شأن الأنبياء، وأن هذا أمر اختاره الله سبحانه وتعالى لأنبيائه فما من نبي إلا ورعى الغنم، والسكينة والوقار كما قال صلى الله عليه وسلم في أهل الغنم ورعاة الغنم.

لقد كان الأنبياء قادة ورعاة للبشرية، ومن ثم كان رعي الغنم تهيئة وتربية وإعداداً لهم؛ ولهذا نرى أسلوب الرفق والحكمة أمراً يغلب على منهج أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم، فيقول الله عز وجل لموسى وهارون: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [طه:٤٣] أي: إلى فرعون الطاغية الجبار الذي يضرب به المثل {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه:٤٤].

وإبراهيم عليه السلام يقول مخاطباً لأبيه: {يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا} [مريم:٤٣ - ٤٤] بلغة الهدوء والمنطق والحوار والإشفاق والنصيحة.

وأما محمد صلى الله عليه وسلم فما عرفت البشرية أرحم منه صلى الله عليه وسلم: وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء وإذا غضبت فإنما هي غضبة لله لا حقد ولا شحناء فما عرفت البشرية أرحم ولا أرق فؤاداً منه صلى الله عليه وسلم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٢٨] فالدعاة إلى الله عز وجل ينبغي أن يكون الرفق ديدنهم، ورائدهم قوله صلى الله عليه وسلم: (ما كان الرفق بشيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه).