للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قضية النصر وحقيقته]

المعلم الحادي عشر من معالم منهج الأنبياء ومعالم الأمة والواحدة وهو حول قضية النصر وحقيقته: لقد وعد الله عز وجل ووعده صادق: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء:١٠٥] {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات:١٧١ - ١٧٣] {فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ} [إبراهيم:٤٧].

وقد نصر الله عز وجل طائفة من أنبيائه وأهلك أقوامهم وجعلهم سبحانه وتعالى عبرة وعظة للمكذبين من بعدهم، لكن هناك من أنبياء الله من يأتي يوم القيامة وليس معه إلا الرجل والرجلان، ومن يأتي يوم القيامة وليس معه أحد، ومنهم أولئك الذين تجرأ عليهم إخوان القردة والخنازير المغضوب عليهم فقتلوهم، وقد عاب الله عز وجل في كتابه على أولئك الذين قتلوا الأنبياء {وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران:١١٢] {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} [آل عمران:٢١].

أترى أن أولئك الأنبياء الذين كتب الله لهم أن يقتلوا لم يتحقق فيهم وعد الله سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات:١٧١ - ١٧٣]؟ بلى والله، لقد تحقق فيهم هذا الوعد، لكن مفهوم النصر مفهوم أشمل.

إنه ليس بالضرورة التمكين في دار الدنيا فقد يقتل أنبياء الله، وقد يمضون ولما يتبعهم أحد، لكن الله لن يخلف وعده رسله: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ} [إبراهيم:٤٨] حينها يحقق الله عز وجل الوعد لأولئك، فحقيقة النصر والتمكين ليست قاصرة أو منتهية بهذه الدار.

معشر الإخوة الكرام! هذه بعض معالم منهج الأنبياء، ومعالم الأمة الواحدة علنا أن نقتفي أثرهم وأن نترسم من خلالها منهجاً واضحاً محدداً نسير عليه في دعوتنا، فوالله إن منهج أنبياء الله خير وأزكى وأبر من اجتهادات البشر بأنفسهم التي هي ليست معصومة من الهوى أو الضلال أو الانحراف.

أسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم إلى الاقتداء بأنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم، وأن يحشرنا تحت لوائهم وفي زمرتهم.