للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اختيار الله تبارك وتعالى له]

إننا حين نتحدث عن سمو خلقه صلى الله عليه وسلم، فستطول معنا الشواهد، لكننا هنا نوجز شواهد مهمة على كمال خُلقه صلى الله عليه وسلم، وأول هذه الشواهد وأتمها هو اختيار الله تبارك وتعالى له.

إن الله عز وجل يخلق ما يشاء ويختار تبارك وتعالى، وهو الذي خلق البشر تبارك وتعالى وهو أعلم بهم، فاختاره تبارك وتعالى ليحمل الرسالة، واختاره ليكون قدوة وأسوة حسنة، ولهذا فإن هذا الاختيار يقتضي أن يكون صلى الله عليه وسلم في القمة في كل الصفات البشرية، إن هذا الاختيار يقتضي أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً لا كالرجال، أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم ليس كسائر الناس.

نعم، إنه صلى الله عليه وسلم بشر مثلهم ينسى كما ينسى الناس ويأكل الطعام ويمشي في الأسواق، ولا يعلم الغيب صلى الله عليه وسلم شأنه شأن سائر الناس، لكنه صلى الله عليه وسلم في القمة في كل صفة كمال يمكن أن توجد في بشر، كيف لا وقد اختاره ربه تبارك وتعالى.

وها هو عبد الله بن مسعود رضوان الله عليه يشهد للنبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ويشير إلى هذا المعنى فيقول: (إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئاً فهو عند الله سيئ).