للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الربط بين العلوم الطبيعية والخشية]

السؤال

كيف نربط بين الخشية والعلم الطبيعي كالطب والهندسة أو تدريس هذه العلوم؟ الشيخ: الحديث الذي سلف عن قضية الربط بين العلم والخشية والخشوع، هم يعنون بذلك العلم الشرعي، ولا شك أنه ينبغي أن لا نتدخل ونشعر أن دراسة الهندسة والطب والطيران أو دراسة الأدب الأوروبي أو الأدب في العصور المتتابعة أو النقد أو غيره أو دراسة النحو وما يتعلق به أنه مدعاة الخشية والخشوع.

وهذا لا يعني أيضاً تسفيه أهل هذه التخصصات والدراسات، والأمة تحتاج إلى هذه التخصصات، فالقضية الأولى: أن الربط بين العلم والخشية والخشوع، وأن العلم مدعاة للخشية والخشوع إنما هو في العلم الشرعي.

الأمر الثاني: أن هذا لا يعني أيضاً أن أصحاب هذه التخصصات والدراسات ينبغي أن تكون قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة، فينبغي أن يعتني هو بتخصصه وعمله ويهتم به ويبدع فيه، وينفع الناس.

وأنا لا أدعو أصحاب هذه التخصصات إلى أن يهملوها، وأن ينشغل الإنسان بقراءات أخرى على حساب تخصصه، فيصبح غير نافع في المجال الذي هو فيه، فإن الأمة تحتاج إلى أن تستغني عن أعدائها، وتجتهد أن تكون النموذج أمام الأمم لأنها أمة أخرجها الله لتكون خير أمة تحمل هداية الناس، وما لم تكن الأمة مستغنية عن أعدائها فإننا لن نستطيع أن ننشر ديننا للناس، ولن نستطيع أن نقوم بهذا الدور والواجب الشرعي الذي أوجبه الله عز وجل علينا، لكن على الإنسان الذي في مثل هذا العمل وهذا الموقع أن يسعى إلى ما يرقي القلب في مجالات أخرى، من خلال قراءة القرآن، والقراءة في كتب الرقائق والآداب، وقد يوجد هذا النموذج بجانب آخر.

خذ مثلاً رجل الهيئة، قد يتطلب عمله نزوله إلى الأسواق، والدوام فيه، وهذا لا شك مدعاة لأن يرى من المناظر والمشاهد ما يصيبه ببلادة الإحساس أحياناً، لأنه كلما اعتاده الإنسان رؤية المنكرات أصيب ببلادة إحساس، وقد يزداد قسوة، لكن هل نترك العمل الذي هو من أعظم الأعمال لأجل هذا الاعتبار؟ لا، لكن يجب أن يعمل، ثم يسعى إلى علاج هذا المريض، خلال وسائل وأبواب العلاج الأخرى.

نكتفي بهذا القدر من هذه الأسئلة، وأسأل الله عز وجل أن يمن علينا وعليكم بصلاح قلوبنا وأعمالنا، إنه سميع مجيب، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، ويحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا إنه سميع مجيب.

هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وسبحانك اللهم وبحمدك، نشهد إلا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.