للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطورة الانزلاق وراء الشهوات]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، بلغ الأمانة، وأدى الرسالة، ونصح الأمة حتى أتاه اليقين من ربه، فصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وحشرنا تحت لوائه، وأوردنا حوضه.

أما بعد: أيها الإخوة! قبل أن أبدأ في هذا الموضوع أود أن أنبه إلى عدة أمور: أولها: موضوع حديثنا: الشباب والشهوة، ولا يعني هذا أن الأمر لا يعني إلا الشباب، فكما أنه يعني الشباب فهو يعني بدرجة كبيرة من الأهمية الآباء وأولياء الأمور، ويعني أيضاً بدرجة أخرى الأساتذة الذين يتولون تربية الشباب وإعدادهم، فجدير بهم أن يعرفوا ما يدور في خواطر هؤلاء الشباب، وأن يعرفوا الأخطار المحدقة بهم والتي تهددهم.

أمر آخر: أنا أتحدث في مسجد مع رواد المساجد، ومع أناس -أحسبهم والله حسيبهم- من الناس الأخيار، وأعرف مع من أتحدث.

إذاً: فقد يقول القائل: لم تتحدث عن مثل هذا الأمر مع هؤلاء؟ إن هذا الكلام ينبغي أن يوجه إلى أهل الأرصفة والشوارع.

فأقول: إن هذا الأمر يعني الشباب حتى الأخيار منهم؛ لأنهم يعانون من هذا الأمر، ويعانون من هذه الشهوة الخطيرة، كما سأشير إلى شيء من ذلك في ثنايا الحديث.

فجدير بهم أن يعتنوا بحماية أنفسهم، وأن يتقوا الله سبحانه وتعالى في إيمانهم وطاعتهم لله عز وجل.

والأمر الثاني: أن الشباب الذين منَّ الله عليهم بالهداية ينبغي أن يحملوا مشعل الدعوة والإصلاح لغيرهم من الشباب، فجدير بهم أن يكونوا على علم بمثل هذه الأمور.

أيها الإخوة! إن الشهوات أمر عام يشمل كل ما ركبه الله سبحانه وتعالى في نفس ابن آدم من الأمور التي يحبها ويميل إليها، فشهوة المال شهوة، وشهوة السلطان شهوة، وشهوة الاستعلاء والجاه شهوة، وشهوة الفرج -أو ما تسمى في لغة العصر شهوة الجنس- شهوة أيضاً.

وحينما نقول: الشهوة، فإن (أل) هنا عهدية، فنعني بذلك هذه الشهوة، ونعني بذلك هذا الأمر الذي أمر الله سبحانه وتعالى بحفظه، ورتب على ذلك الفلاح في الدنيا والآخرة، وإرث الفردوس، نعني بذلك هذا الفرج الذي وعد النبي صلى الله عليه وسلم وتكفل لمن حفظه ورعاه بالجنة، في قوله صلى الله عليه وسلم: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة).

أيها الإخوة! إن هذا الأمر خطير جداً -أعني: أمر الشهوة-، خطير لأنه يترتب على الانسياق وراء الشهوة ذلك الوعيد الشديد في الدار الآخرة، الذي توعد الله سبحانه وتعالى به من أتبع نفسه هواها، وانقاد وراء شهوته.

والكثير من الشباب الذين تزل بهم القدم ويهوي عندما نفتش عن أسباب ذلك؛ نجد أن الكثير منهم كان السبب وراء ذلك الانزلاق هو هذه الشهوة.

فهذا الموضوع خطير وخاصة في هذا العصر؛ حيث كثرت فيه المغريات، وكثرت فيه وسائل الفتنة ودواعي الفتنة، وتفنن أعداء الله بما يملكون من وسائل وقدرات في فتنة الشباب وتزيين الباطل لهم، والشيطان يؤزهم في ذلك أزاً.

أيها الإخوة! في دراسة أجراها بعض طلبة جامعة الإمام على إحدى الدور الاجتماعية بمدينة الرياض كانت نتيجة الدراسة أن (٨٠%) من أفراد العينة قد وقعوا في عمل قوم لوط، عافنا الله وإياكم من ذلك، وإن (٨٠%) منهم كان يمارس العادة السرية.

إن مثل هذا وغيره يدل دلالة واضحة على مدى تفشي هذه الأمور وهذه الظواهر السيئة في مجتمعنا الذي هو من أكثر مجتمعات المسلمين محافظة، فكيف بغيره من المجتمعات!