للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التفكر في حقيقة الشهوة وزوال النعمة]

الأمر السادس: أن تفكر في حقيقة الشهوة وزوال النعمة: ماذا يحصل للإنسان إن أتى بما يجلب له الشهوة، وحقق تمام الشهوة، ما الذي يحصل؟ انتهى الأمر بزوال هذا الوقت الذي مارس فيه الإنسان الشهوة، وانتهت القضية، فهل بقي بعد ذلك يتمتع بالشهوة؟ لا، بقي بعد ذلك الحسرات؛ حسرات قلبه، فإن كان طائعاً منيباً لله عز وجل يبقى يتألم على هذه المعصية التي فعلها، وإن كان غير ذلك فيبقى يشتاق ويفكر في هذا الأمر.

ويبقى له بعد ذلك نتائج هذه الشهوة، فما الذي يحصل؟ من نتائجها التي أشرنا إليها: الأمراض الخطيرة؛ الأمراض الجنسية، والأمراض النفسية، فتفكر في مثل هذه العواقب، وتفكر في آثار هذه المعصية على المجتمع، وتفكر في آثارها على نفسك، وفي حقيقة هذه الشهوة.

ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما أتاه شاب ثارت الشهوة في نفسه ويريد الزنا فقال: (يا رسول الله! ائذن لي بالزنا)، هذا الشاب هل تتصورون أنه بمجرد أن رغب في هذا الأمر أتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة؟ لا، نحن لا نعلم ما يدور في نفسه، لكن يغلب على ظني أن هذا الشاب لما فكر في الأمر يعلم أن الزنا حرام، وعنده خوف من الله عز وجل، ففكر في الأمر ثم تردد، وفكر وتردد، وفكر وتردد، حتى عزم على الأمر، ولما عزم على الأمر قرر أن يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويستأذنه.

فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مع أصحابه فقال: (يا رسول الله! ائذن لي بالزنا)، فهم الصحابة به، فتوجه النبي صلى الله عليه وسلم وهو المربي، الذي قال عنه أحد أصحابه: (فبأبي وأمي رسول الله، ما رأيت أحسن تعليماً ولا تأديباً منه).

دعاه النبي صلى الله عليه وسلم وأجلسه، وقال له: (أترضاه لأمك؟ قال: لا، قال: ولا الناس يرضونه لأمهاتهم)، فهذه المرأة التي ستزني بها هي أم للناس، هل ترضى أن يأتي أحد يزني بأمك؟! وقال له: (أترضاه لأختك؟) فهذه المرأة التي ستزني بها أخت للناس.

وقال: (أترضاه لعمتك؟ ثم دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم حصن فرجه، وطهر قلبه، فانصرف الشاب وليس شيء أبغض إليه من الزنا).

فهذا الحديث أوجهه إلى الشباب، وإلى المربين الآباء والأساتذة وغيرهم، أن يسلكوا مثل هذه الوسائل.