للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اختيار الجليس الصالح واجتناب الوحدة]

أيضاً من العوامل المعينة على ذلك: اختيار الجليس، وتجنب الوحدة: وقد عرفنا أن من أسباب الوقوع في هذا الأمر الجليس السيئ، والجليس يا إخوان! هنا لا نعني به فقط الجليس الذي يوقعه في الكبائر والموبقات، لا، فأي رجل يدعوك لمعصية فينبغي أن تجتنبه، وحتى في محيط الأخيار وفي تجمعات الناس الأخيار قد يوجد شاب ليس على مستوى من المحافظة، وعنده ميل إلى مثل هذه الأمور، أو عنده بعضها، فكون الشاب في محيط الأخيار لا يعني أنه قد أصبح مبرأً، وأنه ينبغي أن تجالسه، كلا، فينبغي أن تختار من تجالس، وأنت أعلم بمن تجالس، ومن تصطفي ومن تخالط.

وإذا رأيت عند شاب تقصير في مثل هذا الأمر وأنه يقودك إلى ذلك، فقل: هذا فراق بيني وبينك، وتجنب الوحدة أيضاً؛ فإنها من أقوى الدواعي إلى التفكير، وأقوى الدواعي بعد ذلك إلى الوقوع في مثل هذه الأمور.

وأخيراً: لا تتهاون بالصغائر: النظر، العادة السرية، وغيرها من الأمور، فكثير من الشباب يتهاون فيها، ويقول: هذا أمر يسير، فقد تنظر نظرة إلى صورة جميلة فترتسم الصورة في ذهنك، فالشيطان يعيد لك هذه الصورة في ذهنك مرة بعد مرة، حتى تتحول المسألة إلى تفكير، حتى يملك عليك فؤادك، حتى تتدرج بعد ذلك إلى الوقوع، فقد تقع في معصية صغيرة، ويتدرج الشيطان في عرضها عليك، والشيطان طويل النفس، وقد أقسم {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:١٧].

فاحذر التهاون بالصغائر، وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم يقول لـ عائشة: (إياك ومحقرات الذنوب، فإن لها من الله طالباً).

ويقول صلى الله عليه وسلم: (مثل ما تحقرون من أعمالكم كقوم استبطنوا بطن واد، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود، حتى أشعلوا نارهم، وطبخوا عشاءهم، وإن محقرات الذنوب متى ما يؤخذ بها المرء تهلكه).

خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى وبعد ذلك أقول: لو وقعت في مثل هذه الأمور، فلا تتردد أبداً في أن تأتي إلى والدك، أو إلى أحد أساتذتك الذين تثق بهم، وتثق بدينهم وورعهم وخبرتهم، وتثق بأنهم يكتمون السر الذي تبديه لهم، وبأنهم ينصحون لك، وأفصح لهم عما في نفسك، واطلب منهم الإعانة، واطلب منهم التوجيه، فلا حرج في ذلك، وهو خير لك من أن تبقى أسير الشهوة، وخير لك من أن تهوي.

أيها الإخوة! في ختام هذه الكلمة أقول: والله إن الحديث عن هذا الأمر ذو شجون، والحديث يثير الأشجان، وهناك أمور كثيرة يود المرء أن يقولها، لكن الوقت لا يتسع لمثل ذلك.

وختاماً أقول: إن الدواء الناجح، والدواء الناجع بعد الزواج وبعد الصيام هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وتعلق القلب به عز وجل، فلنسلك أسباب ذلك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعصمنا وإياكم، وأن يجنبنا أسباب سخطه، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.