للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الثقة بتحقق الهدف]

الأمر الخامس: الثقة بتحقق الهدف: وهي قضية يجب أن نربطها مع القضية التي قبلها؛ لأننا أحياناً قد يسيطر علينا الشعور بالمرض الواقع، فقد ينقلنا إلى مرحلة اليأس، لكننا حينما ندرك الهدف وندرك أن هذا الهدف لا بد أن يتحقق وأن نصر الله عز وجل للأمة لا بد أن يتم، فذلك يعطينا دافعاً أن الإنسان الذي عنده شعور يتحقق هدفه، وأنه سيبلغ الهدف، فيزيده هذا الشعور طاقة وحيوية والله تبارك وتعالى يقول: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة:٣٣] {وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة:٣٢].

يا أخي! مهما كاد أعداء الله ومهما فعلوا ومهما بذلوا فلا تخف على الدين ولا تخش عليه، القضية فقط أن نملك الروح التي نعمل بها وأن نكون على مستوى المسئولية، وهذا الدين دين الله سيظهره الله وينصره مهما كاد أولئك، وسيكون كل جهدهم كما قال تبارك وتعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ} [الصف:٨] {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة:٣٢] {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} [الطارق:١٥ - ١٧].

وانظر كيف علق القرآن على ما فعله قوم صالح: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ * قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [النمل:٤٨ - ٤٩] ماذا كان تعقيب القرآن؟ {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [النمل:٥٠] انتهت القضية خلاص لك أن تتصور ماذا سيفعل هؤلاء وماذا سيحيق بهم؟! {فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} [النمل:٥١].

إذاً: حين ندرك جميعاً أن الهدف سيتحقق وتكون البشائر واضحة أمامنا، وشعورنا بأن الأمة مهما وصلت إلى حال التخلف والتقهقر أنها بإذن الله قادرة أن تتأهل إلى هذا الدور فإن هذا يدفعنا للعمل، ونضيف إلى ذلك شيئاً آخر مهم جداً: أن يشعر الداعية ويوقن أنه لو لم يحقق الهدف كأن لم يستجب له الناس ولم يصل إلى تحقيق ما يريد فإن أجره على الله.

أرأيت أولئك الأنبياء الذي مضوا إلى ربهم ولم يستجب لهم أحد؛ أترى أن ذلك ينقص من قدرهم؟! وغيرهم كثير من أولئك الذين لم يستجب لهم أحد ولم يحققوا أهدافهم في الدنيا؛ أترى أن جهدهم ذهب هدراً؟ كلا! إنك أيضاً حين تدرك هذه القضية وتدرك أن العمل بحد ذاته هدف -بغض النظر عن النتيجة- فإنك تشعر فعلاً بالروح التي تدفعك للعمل وأن جهدك لم يذهب سدى.