للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فقد العواطف شذوذ]

إن الدعوة إلى إهمال العاطفة -كما قلنا- دعوة بحاجة إلى مراجعة، وإلى إعادة النظر، إن العاطفة خلقها الله في الإنسان أصلاً، خلق الله الإنسان يحمل مشاعر وعواطف من الحب والكره والقبول والرفض والحماس، فالدعوة إلى إلغائها دعوة إلى تغيير خلق الله، والدعوة إلى إلغائها تعني بكل بساطة أن هذه العاطفة لم يكن لها حكمة في خلق الإنسان، وأنها خلقت عبثاً، وحاشا لله عز وجل أن يكون في خلقه سبحانه وتعالى عبث، فالله سبحانه وتعالى ما ركب هذه العاطفة في نفس الإنسان إلا لحكمة، ولمصلحة لابد أن تتحقق من ورائها.

ثانياً: على وصف فاقد العاطفة بأنه رجل شاذ: إن الرجل الذي لا تتحرك مشاعره، فلا يرق قلبه لمشهد يثير الرقة والعطف، ولا يملك مشاعر الحب تجاه الآخرين، أو مشاعر الرفض تجاه من يرفض، الرجل الذي لا يمكن أن تتوقد في قلبه حماسة أياً كان الموقف، لا شك أنه رجل شاذ فاقد للإحساس والعواطف.

بل إن الناس يرون أن الرجل الذي لا يحس بالجمال، ولا يتذوق الجمال في هذه الدنيا، رجل شاذ، فهو وصف مخالف للفطرة السوية، ولهذا حين جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورآه يقبل صغيراً، قال: تقبلون صغاركم؟! إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم، قال صلى الله عليه وسلم: (أو أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك؟!).

إنه رجل شاذ بعواطفه، إنه رجل -كما قال صلى الله عليه وسلم- قد نزعت من قلبه الرحمة، فصار تصرفه، وصار سلوكه سلوكاً غير مرضي، وسلوكاً مرفوضاً يستنكره النبي صلى الله عليه وسلم، يستنكر النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الصحابي رضوان الله عليه ألا يملك في قلبه الرحمة للصبية الصغار، فصار لا يقبل أحداً منهم.