للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إهمال محاسن الرجل]

السابع عشر: إهمال محاسن الرجل: نحن نريد أن نتحدث عن خطأ إنسان، فينبغي أن لا نهمل محاسنه وأن ننظر باعتدال.

قال سعيد بن المسيب رحمه الله: ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن لا تذكر عيوبه، فمن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله.

وقال محمد بن سيرين: ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم، وتكتم خيره.

وقال شيخ الإسلام: ومما يتعلق بهذا الباب أن يعلم أن الرجل العظيم في العلم والدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة أهل البيت وغيرهم، قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقرون بالظن، ونوع من الهوى الخفي، ويحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي اتباعه فيه، وإن كان من أولياء الله المتقين، ومثل هذا إن وقع يكون فتنة لطائفتين: طائفة تعظمه فتريد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه، وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحاً في ولايته وتقواه، بل في بره وكونه من أهل الجنة، بل في إيمانه، بل حتى تخرجه من الإيمان، وكلا هذين الطرفين فاسد، والخوارج والروافض وغيرهم من أهل الأهواء دخل عليهم الداخل من هذا، ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم، وأحبه ووالاه، وأعطى الحق حقه، فيعظم الحق ويرحم الخلق، ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات فيحمد ويذم ويثاب ويعاقب، ويحب من وجه ويبغض من وجه، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم.

وقال ابن القيم رحمه الله: فلو أن كل من أخطأ أو غلط ترك جملة وأهدرت محاسنه، لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها.

وهذا لا يعني عدم الحديث عن الأخطاء، لكن حين نتحدث عن الأخطاء فينبغي أن لا نهمل المحاسن، وينبغي أن نتحدث بتوازن وقد نقع في هذا الخطأ مع أطفالنا، فنعامل الطفل ونحدثه على أنه مشاغب وغير منضبط وغير مؤهل إلى غير ذلك، فنرسم له صورة تقضي عليه وتحطمه وتصور لنفسه أنه إنسان فاشل، وقل مثل ذلك مثلاً في الطالب وغيره ممن يتلقى التربية.