للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التكامل والتوازن في التعامل مع النصوص]

وبعد أن تحدثنا عن ضرورة التكامل والتوازن وعن مؤيدات التكامل والتوازن في التربية ننطلق بعد ذلك إلى الحديث عن أمثلة من التكامل والتوازن التربوي الذي نريده في تربيتنا، وقد لا نستطيع أن نأتي على جميع ما نريد، فلعلنا أن نقتصر على بعض النماذج على المستوى الفردي وعلى مستوى المجتمع كله.

أولاًً: على المستوى الفردي: إن من التكامل في التربية أن يربى الفرد على التوازن في التعامل مع نصوص الشرع وأحكامه، فالغلو صفة ممقوتة مرذولة بالعقل مرفوضة بالشرع، والتجاوب مع شهوات النفس ورغباتها لا يسوغ أن يكون البديل للتخلي عن الغلو ورفضه: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء:٢٩]، {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص:٧٧].

إننا حين نربي أبناءنا على الفوضى، والتسيب في التعامل مع الأحكام الشرعية والتفلت من الضوابط الشرعية فإننا نربيهم تربية غير متوازنة، تربية متطرفة تميل إلى جانب دون جانب، وحين نربيهم على الغلو والمبالغة فإنها أيضاً هي الأخرى تربية غير متوازنة.

إذاً: فالتربية المتكاملة المتوازنة تقتضي أن يربى الفرد على الوسطية في التعامل مع الأحكام الشرعية، فلا يربى على التسيب والتفلت من الضوابط والأحكام الشرعية، ولا يربى على الغلو.

إننا كثيراً ما نسمع الشكوى من أن الابن يواجه التعويق من أبيه وهو يدعوه إلى التجاوب مع شهواته، يدعوه إلى التجاوب مع التقصير والإهمال، بل نرى الأب -وللأسف- يحظ ابنه على التقصير في الصلاة والتهاون فيها، نرى الأب أحياناً يدعو ابنته إلى الزهد في الحجاب والعفاف والفضيلة، إنها تربية غير متوازنة، تربية متطرفة تخل بهذا المبدأ التربوي الذي جاء به شرع الله عز وجل.