للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مساهمة الشاب ولو كان عاصياً في مسيرة الخير

الصفحة السابعة والعشرون: تساهم معنا في المسيرة.

فأنت الآن ترى مسيرة الصحوة سواء من خلال ما تشاهد في واقعك القريب والبعيد، أو ما تسمع عن أخبار المسلمين، ولو سألتك: هل هذا الأمر يهمك؟ لقلت لي: يهمني، وطبيعي أنه يهمك؛ لأنك إنسان مسلم، ومهما كان عندك من التقصير والإهمال فإن هذا الأمر يهمك.

سؤال آخر: ألم يهدك أحد يوماً من الأيام كتاباً؟ ألم يهدك شريطاً؟ ألم يدعك بأن تحضر محاضرة؟ وقد تكون حضرت هذه المحاضرة من خلال دعوة فلان من الناس، أو سمعتها في الشريط الذي أهداه إليك فلان من الناس، ففكر واسأل نفسك هذا

السؤال

ماذا يريد مني؟ ولماذا أهدى لي هذا الكتاب؟ وهذا الشريط لماذا دعاني لحضور هذه المحاضرة؟ ولماذا وجه لي هذه النصيحة؟ وستعرف أنت الإجابة.

ثم أقول لك: هل فكرت أنك أنت تصنع مثل ذلك؟ فأنت عندما نطالبك مثلاً: أن تساهم في الدعوة إلى الله عز وجل تقول لي: أنا ما استطيع، وهذا الأمر يحتاج إلى إنسان صاحب علم، وإنسان مستقيم، وإنسان خير، فأقول لك: أنت مثلاً: ما تستطيع أنك بعد ما تسمع هذا الشريط أن تهديه إلى زميلك، فتكون قدمت خطوة طيبة ولا تحتقرها أطلاقاً؟ لماذا لا تفكر يوماً من الأيام أنك تحضر محاضرة؟ لماذا لا تدعو زميلك معك.

وهناك أسلوب آخر: وهو أن زميلك هذا الطيب المستقيم الذي معك في الفصل إذا أنت قلت له كلمة طيبة وقلت له: والله يا أخي! أنا أغبطك على طريق الخير والاستقامة والصلاح، فاستمر على ما أنت عليه.

فهذا الكلام الذي تقوله والله يثبت الكثير.

يذكر لي أحد الإخوة الطيبين يقول: كان لنا زميل أعرفه أنا كان من الصالحين والأخيار ثم انحرف -عافنا الله وإياكم- حتى وقع في المخدرات، وأصبح إنساناً آخر، يقول: قابلته مرة من المرات وأنا أشك فيه هل هو صاحٍ، أو غير صاحٍ، فسلمت عليه فقال لي: خليك مع فلان لا تفارقه أبداً، يقصد زميله السابق الخير، فأنتم على طريق الخير والصلاح والاستقامة.

فأنا أريد أن يكون عندك هذا الشعور.

وأنا سأضرب لك مثلاً وهي قصة أظن أنك قد سمعت عنها: الإمام أحمد رحمه الله له قصة مشهورة، يقول ابنه عبد الله: كنت أسمع أبي كثيراً ما يقول: اللهم اغفر لـ أبي الهيثم! اللهم ارحم أبا الهيثم! اللهم تجاوز عن أبي الهيثم! فقلت له: من يكون؟ قال: ألا تعرفه؟ قلت: لا، قال: لما دعيت للجلد جذبني بردائي فقال: أتعرفني؟ قلت: لا، قال: أنا أبو الهيثم العيار اللص الطرار، مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني جلدت ثمانية عشر ألف جلدة في طريق الشيطان وسبيل الدنيا، وأنت تجلد في طاعة الرحمن وسبيل الآخرة فأولى مني أن تثبت.

فانظر إلى أبي الهيثم هذا قاطع الطريق، الذي ما تاب ولا عنده نية أنه يتوب، وهو في السجن ويقول: أنا جلدت ثمانية عشر ألف جلدة في سبيل الدنيا وطاعة الشيطان، فيأتي للإمام أحمد وهو يشعر أن الإمام أحمد يعيش في محنة، وأن هذه المحنة تعيشها الأمة، فمن الواجب عليه أن يؤيد الإمام أحمد، فهو لا يملك شيئاً من الآثار كي يذكر بها الإمام أحمد، ولا يحفظ الأحاديث، وما يملك إلا تاريخه السابق في الإجرام، فاستطاع أن يوظف هذا التاريخ السابق في الإجرام ليقول للإمام أحمد: إنني ضحيت وبذلت وأنا صاحب معصية، فأنت أولى مني أن تضحي وأنت صاحب طاعة.

يقول الإمام أحمد رحمه الله: فزادني هذا الكلام تثبيتاً، وكان الإمام أحمد يستغفر له كثيراً حتى إن ابنه عبد الله يسأل ويستغرب: من يكون هذا الرجل؟ ولعله قد غفر الله له بدعوة هذا الرجل الصالح.

فأنت مثلاً: قد يكون لك أستاذ ناصح تسمع منه دائماً النصيحة والتوجيه سواء عامة أو خاصة، فعندما تأخذ بيد أستاذك وتقول له: والله أنا معجب بطريقتك، وأشعر أني أستفيد منك، وأشعر أن الشباب يستفيدون منك.

فهذه الكلمة التي تقولها كلمة ما تعجز عنها، وكلمة موجودة في مشاعرك ولن تخسر هذه الكلمة، لكن هذه الكلمة ستدفع هذا الأستاذ دفعة قوية؛ لأنه يشعر أن كلامه وقع في قلوب الآخرين.

وعندما ترى مثلاً: داعية أو خطيب جمعة أو رجلاً أياً كان أثر فيك، فتبدي له الإعجاب، وتبدي له تفاعلك مع ما حدث، فهذه قضية قد تحتقرها ولكنها خطوة مهمة تدفع هذا الرجل وتزيده حماسة وشعوراً بنتيجة عمله، فأثر عليه ولا تحتقر شيئاً أبداً يا أخي! فوالله إن كلمة واحدة قد تقولها تدفع هذا الرجل دفعات كثيرة، وإذا كنت عاجز فاكتب له ورقة وأرسل من يبلغ له هذه الرسالة، وقل لفلان من الناس: قل لفلان هذا الكلام.

فهذه جهود يسيرة يمكن أن تقوم بها فلا تحتقرها، فهي على الأقل تعطيك شعوراً بأنك عملت شيئاً، وأنك ساهمت بدفع الصحوة ولو بشيء يسير.

أنا أقول: يمكنك أن توظف خبرتك في الفساد في دعوة الناس إلى الخير، فعندما تقول لفلان: أنا أضحي وأسهر وأتحمل وأتعرض للمخاطر: مخاطر الفضي