للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة في الالتزام ورد بعض الشبه في ذلك]

السؤال

إنني أجتهد وأرغب في الالتزام ولكن مما يفسد علي ذلك علاقتي بأصدقائي الذين أظن أني لا استطيع تركهم، وكذلك بعض العلاقات الخاصة كالعلاقات الهاتفية وغيرها، وكذلك تصوراتي بنظرة المجتمع نحوي، فكيف الخلاص؟

الجواب

لماذا أنت تفترض أنك لا تستطيع أن تتخلص من أصدقائك؟ أنت تستطيع أن تتخلص منهم، وما هو المانع من ذلك؟ تستطيع أن تقول لأصدقائك: والله يا شباب أنا اكتشفت أن لي طريقاً آخر غير طريقكم مع احترامي لكم وتقديري للعلاقة السابقة، فأود أن تنقطع العلاقة التي بيننا، ما الإشكال في هذا، أو تتركهم دون أن تقول هذا الكلام، وقد تجد صعوبة في البداية لكن هو قرار لا بد منه؛ لأنك لا بد أن تتحمل ضريبة القرار السابق الذي اتخذته لما سرت معهم، ثم أنت لا بد أن تتبرأ منهم حتماً إما في الدنيا أو في الآخرة {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي} [الفرقان:٢٧ - ٢٩]، {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا} [البقرة:١٦٦].

فأنت لا بد أن تتبرأ منهم إما في الدنيا وإما في الآخرة، فاختر أحد الأمرين فإذا كانت هذه صعبة عليك فأظن أنها أصعب عليك جداً أنك تنتظر إلى يوم القيامة وتحشر معهم ثم تتبرأ منهم، فهناك لا ينفع اللوم ولا الندم.

وكذلك العلاقات الهاتفية هي الأخرى تستطيع أن تتخلص منها، وذلك أن تحرص قدر إمكانك أنك ما تكون في البيت مثلاً، أو أنك لا تجيب عليها، وتجاهد نفسك، وحتى يا أخي! لو بقيت عندك بعض الشوائب، وسعيت في إصلاحها فهذا خير وأفضل بكثير من أن ترفض الالتزام جملة وتفصيلاً؛ لوجود هذه الشوائب التي تتعلق بها.

وأما نظرة المجتمع نحوك فأنا أجزم أن المجتمع ستتغير نظرته نحوك، فأنت الآن المجتمع ينظر نحوك بنظرة شاذة، وقلت: إنك إذا تبت لن يعدل المجتمع نظرته نحوك، فنقول: إذا لم تتعب فالنتيجة أن المجتمع لا يزال ينظر إليك النظرة السابقة ولا تتغير تلك النظرة، فأنت الآن أمام ثلاثة خيارات: الخيار الأول: أنك تبقى على الفساد، وستبقى نظرة المجتمع لك كما هي.

الخيار الثاني: أنك تتوب وتبقى نظرة المجتمع لك.

الخيار الثالث: أنك تتوب وتتحسن نظرة المجتمع إليك، ولو افترضنا أن الفرض الثالث غير موجود مع أنه هو الأصل فما بقي قدامك إلا خياران: أن تستمر على الفساد ويبقى الناس ينظرون إليك نظرة سيئة، أو تستقيم وينظر الناس إليك نظرة سيئة، فبالله عليك أيهما أفضل؟ أتصور أن الرأي الثاني أفضل، وهو الذي ينفعك، وأما إذا بقيت على الفساد فلا ينفعك ذلك؟ وتبقى النظرة هي، فعلى الأقل أنت يا أخي! لما تتوب بعض الناس تتعدل نظرته إليك، وافترض أن كل الآخرين ما نظروا إليك نظرة خير فأهم شيء لك هو نجاتك يوم القيامة، مع أني أجزم أن المجتمع سيغير نظرته، وأن الناس كلهم سيغبطونك على ما أنت فيه.

لعل هذا يكون آخر سؤال، أسأل الله عز وجل أن يرزقنا وإياكم العلم النافع، والعمل الصالح، وأن نلتقي وإياكم إن شاء الله على خير، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.

سبحانك اللهم وبحمدك, نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.